الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  السيرة ومواقع حياتنا

                  ** هـذا يذكرني بسؤال آخر: بعض العاملين للإسلام في هـذه الأيام يحاولون - بالتعبيرات الحديثة - أن يسقطوا على سلوكهم بعض صور من السيرة، أو يوجدوا مسوغات من بعض آيات القرآن الكريم لتصرفاتهم، يعني يحددون موقعهم من السيرة أو يسقطون السيرة على موقعهم، فيصبح الإخفاق في هـذا الموقع، أو التعثر في ذاك، أو عدم بلوغ الكمال من خلال ذلك الموقع يوقع الشباب المسلم بشيء من الارتباك والإحباط والانكسار النفسي، الذي قد يمتد إلى قضية الثقة بالسيرة والقرآن.. كأنني أرى في هـذه القضية - والله أعلم - بأن تبقى للسيرة مكانتها وتميزها، ونحن كبشر نخطئ ونصيب نحاول الاهتداء بها، ومن ثم نقترب ونبتعد عنها بمقدار ما يؤتى كل منا من الخير، أما أن نسقط السيرة - إن صح التعبير - على بعض مواقع حياتنا الإسلامية اليوم، فهنا المشكلة، أرجو من خلال معاناتكم وكتاباتكم في السيرة أن تلقوا لنا أضواء على هـذه النقطة؛ لأنها خطيرة جدا كما نلمح الكثير من آثارها اليوم.

                  في الحقيقة، كل علم يخضع لأهواء المؤلف أو الداعية أو الخطيب أو الأديب أو [ ص: 22 ] الكاتب، لا يستثنى علم من العلوم، حتى القرآن كذلك استخدمه كثير من الفرق الإسلامية، كما تعرفون ( الخوارج والمعتزلة وغيرهم) وبعض العلماء الكبار والكتاب في حديثهم عن القرآن، سرد حجج جميع الفرق الإسلامية سواء أكانت ضالة أو كانت على هـدى، فكل فرقة وكل مدرسة فكرية في الإسلام احتجت بالقرآن. فكل علم يمكن أن يخضع لمقاصد خاصة ولمخططات خاصة.. وهذا يرجع إلى أمانة الإنسان، وشعوره بالمسئولية، وخشيته لله تعالى، ووقوفه أمام الله الذي نزل هـذا الكتاب على الرسول الذي عرض هـذه السيرة في الحياة الطيبة.. نستطيع أن نرسم له حدودا مثلا، يقتبس من هـذا ويترك هـذا، ويطبقه تطبيقا جزئيا وتطبيقا كليا.

                  نقتبس من السيرة المعاني الكريمة، نقتبس منها الحوافز والدوافع القوية، ولكن لا نخضع السيرة لواقعنا، أو نجعلها شاهدا لما نفعله.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية