الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  صحوة المسلمين ** بمناسبة توجه الشباب نحو " التمدرس " وشعوره بالمعاناة نود أن نستطلع رأيكم حول الصحوة الإسلامية.. هـل هـي ظاهرة أصلية متجددة تعني العودة إلى الأصول أم أنها ظاهرة وقتية آنية جاءت مع موجة الرفض العالمي ؟.. وهل يصح أن نطلق مصطلح " الصحوة الاسلامية " على ما هـو قائم الآن بالفعل في عالم المسلمين من يقظة ؟ وكيف يمكن ترشيد هـذه الصحوة ؟

                  ** لو احتكمنا بصورة عامة إلى المعايير " البسمولوجية " أو إلى فكرة الوعي بحركة تاريخ الأمم سنلاحظ أن الأمم تمر دائما بما نسميه " نظرية التناوب " وهو تناوب بين فترتين : فترة نقدية وفترة تنظيمية.. ففي الفترة النقدية توضع أصول وجذور الفترة التنظيمية.. وحينما تصل الفترة التنظيمية إلى مرحلة الإشباع، تبدأ جذور الفترة النقدية في التراجع.. وهو ما عبر عنه ابن خلدون بـ ( أطوار الأمم ) .

                  والحقيقة أن الإسلام دائما في صحوة.. فلا يمكن أن نقول بأن المبادئ الإسلامية في فترة معينة تكون قادرة، بينما هـي في فترة أخرى تصبح عاجزة ؛ ذلك أن هـذه المبادئ تتمتع بإعجاز لافت للنظر، إضافة إلى قدرة الصلاحية الذاتية، وتلقائية المواءمة.. فهي التي واءمت ابن الجزيرة العربية في قراه وبواديه، وتوائم اليوم قمما في الأمم المتقدمة وتفخر بها فلاسفة القرن العشرين. [ ص: 69 ]

                  وقد لا يكون الإعجاز في أنها تتواءم مع الإنسان وإنما في كونها تعطي للإنسان وسائل موضوعية وتلقائية ومباشرة كي يتكيف معها.

                  ولذلك ربما يكون من الأفضل ألا نقول " الصحوة الإسلامية " وإنما " صحوة المسلمين لأجل أن يكتشفوا ما غفلوا عنه " .. وهذا يعني إذا ما حاولنا تطبيق فلسفة التاريخ أن هـناك فئتين من المسلمين : فئة ترمز إلى الفترة النقدية وفئة ترمز إلى الفترة التنظيمية.. فحينما يكون المجتمع المسلم أو البشر المسلم في فترة مخاضات وتوعك وأزمة، يبدأ يعيد حساباته ويبحث عن وسائل إنقاذ.. فهذا يغرر به وذاك يجذبه إلى بعض الافتعالات وثالث يعطي له بعض إمكانات المحاكاة والتقليد.. فهو يبحث عن وسيلة للخروج ـ لا أقول من المأزق، وإنما من التوعك ـ ويحاول أن يحقق ذاته ويحدد موقعه من الإسلام.. وتلك هـي الفترة النقدية..

                  من أنا ؟

                  .... ويضيف الدكتور فكار :

                  إن الصحوة في الحقيقة هـي صحوة المجتمعات الإسلامية أو البشر المسلم.. أو هـي صحوة النخبة.. ذلك أن شروط الصراع والتدافع جعلت المسلم يستفهم ويستجوب.. وبلا شك فإن الاستجواب الأول دائما هـو " من أنا ؟ " .. ويمكن أن نسمي هـذه الفترة التي نعيشها الآن فترة : " من أنا ؟ " .. والذي يقول : " من أنا ؟ " هـو مسلم، يحمل اسما مسلما ويعيش في بيئة إسلامية وفي الغالب يؤدي الشعائر الدينية، ولكنه مع ذلك يبحث عن ذاته ويتساءل : من أنا ؟

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية