الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  عطاء المسلمين الحضاري

                  ** لا شك أن المسلمين - فيما نعتقد - هـم أصحاب الحضارة الحقيقة في الهند ، وأن ما يملكون من العقيدة ومن التاريخ الحضاري والثقافة يفتقده المجتمع الهندي ككل..؟

                  أنا تحدثت عن هـذا في تفصيل في كتابي (المسلمون في الهند) ، وذكرت بشهادات قائمة على شهادات الهندوس أنفسهم، من كبار الأساتذة في الجامعات، ومن كبار المؤرخين في الهند بما فيهم جواهر لال نهرو رئيس الوزراء الأسبق وغيره، أنه لولا جهود المسلمين لبقيت هـذه البلاد متخلفة جدا، في كل مجالات المدنية، فإنتاج المسلمين، ما أهدوا إلى هـذه البلاد من الهدايا الاجتماعية والخلقية والمدنية الحضارية، هـدايا ذات قيمة كبيرة.. فمثل الهند كمثل امرأة متحلية، غنية في الحلي، تتجرد عن حليها فتصبح [ ص: 36 ] عاطلة، كذلك الهند عندما اكتست وازينت وظهرت كان ذلك بفضل المسلمين وبفضل دينهم، بفضل الحضارة التي جربوها في خارج الهند وقامت حكومات متحضرة، وقامت مجتمعات متمدنة، وقامت منظمات راقية وجامعات كبيرة، هـذا كله نقلوه إلى الهند.

                  كانت الهند على طبيعتها البدائية.. كانت الهند متأخرة في كل شيء.. فجاء المسلمون فتناولوا من الأشجار إلى الحيوانات، ومن الحيوانات إلى البشر، ومن البشر إلى المنظمات والمدارس الفكرية، هـذا كله معترف به عند الهندوس ، عندهم كتابات في هـذا.

                  ** هـل تسعى المراكز العلمية الإسلامية (ديوبند والندوة) الأربعة - التي ذكرتموها - إلى لون من تأصيل هـذه المعاني في نفس الجيل المسلم الجديد، ليستطيع أن يستأنف العمل الإسلامي ويعتز بالحضارة الإسلامية، ويعتبر أنه هـو صاحب الحضارة الحقيقية في هـذه البلاد؟

                  أستطيع أن أتحدث عن ندوة العلماء، أنا من المسئولين عنها ومن المشتغلين فيها، أستطيع أن أقول إن أبناء ندوة العلماء والمجامع العلمية التي أنشئوها والمجلات الراقية التي يحررونها، عن طريق هـذه المجلات وعن طريق المجامع العلمية وفي مقدمتها المجمع العلمي الكبير في " أعظم كره " " دار المصنفين" التي عقدت ندوة عالمية في موضوع الاستشراق، [أعظم كره، (قرية من لكنوء ، فيها أكبر مجمع علمي في الهند يسمى "دار المصنفين"، كان يرأسها العلامة الشيخ سليمان الندوي صاحب كتاب "الرسالة المحمدية".. أنا الآن المسئول عنها ومن أعضائها) عن طريق المجمع العلمي "دار المصنفين" في "أعظم كره" وعن طريق المجمع الإسلامي العلمي عندنا في ندوة العلماء، نشرنا كمية كبيرة من الكتب بالإنجليزية وباللغات المحلية، وبعض اللغات الإقليمية، كذلك عرضنا فيها محاسن الإسلام وما أضافه المسلمون إلى هـذه البلاد.. ما أغنوا به هـذه البلاد، وهذه الكتب والنشرات منتشرة بحمد الله في الهند ويقرؤها كثير من الهندوس كذلك بالإنجليزية، بأسلوب أدبي رفيع. كذلك تعتبر هـذه الكتب مراجع في المواد التي تبحث عنها.

                  الحمد لله، تعريف الجماهير الهندوسية الهندية بفضل الإسلام في بناء الحضارة الهندية، هـذا عمل جار.. هـناك والحمد لله ظاهرة طيبة سارة، وهي أنه أصبح الجيل الإسلامي الجديد أكثر [ ص: 37 ] اعتزازا بالإسلام، من الجيل القديم الذي نشأ في حضانة الإنجليز في أيام الحكم الإنجليزي.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية