الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  حوار مع النصارى

                  ** ألا تعتقد بأن لذلك في الغرب أصلا دينيا توراتيا.. حيث إن الرؤية الدينية للغرب لم تخرج عن العهد القديم "التوراة"؟

                  نعم أعتقد ذلك، وهذا من العوامل الأساسية التي تجعل الفرد اليهودي يتعرف على الأزرار المؤثرة بينما الفرد العربي المسلم غير قادر على ذلك.. لقد استطاع أحبار اليهود وكهنتهم أن يقيموا حوارا مع النصرانية -رغم عداوتهم لها، والجرائم التي ارتكبوها في حقها- وتمكنوا بوسيلة أو بأخرى من استصدار قرار جديد بالبراءة وبناء جسور مع النصرانية.. في حين لم نستطع ذلك نحن المسلمين رغم أننا أقرب إلى النصارى من اليهود، ولقد حاول فيصل بن عبد العزيز رحمه الله أن يخطو في هـذا السبيل، ولا أعرف لم لم تستثمر المحاولة من بعده، لقد استطاع أن ينشئ نوعا من الحوار الإسلامي النصراني.. وكان هـدفه بعيدا جدا في اعتقادي.. وأعتقد أيضا أن هـذا الأمر لم يحقق جميع أهدافه.. علينا أن نوجد جسرا بين المسلمين والنصارى بصورة تجعل الغرب يتقبل المفهوم الإسلامي بأسلوب حضاري وليس بأسلوب عنصري صليبي متسلط، كما هـو حادث.

                  من هـنا يبقى الفرد المسلم في الغرب عموما غير قادر على التأثير، فهو غير متكاتف مع أبناء جنسه، ولا يستطيع أحد أن ينكر أو يتعامى عن الخلافات بين الجاليات المسلمة في البلد الواحد حيث تجد أكثر من منظمة تشرف على شئونها..

                  ويبقى الفرد العربي المسلم ترسا في ماكينة الحضارة الغربية ما دام منتجا، أما إذا توقف [ ص: 177 ] عن الإنتاج فإنه يقذف به خارجا، ولدينا أمثلة كثيرة على ذلك.. فهناك كثير من كبار العلماء العرب المسلمين الذين خدموا الغرب خدمات كبيرة جدا -بل إن العديد من نظريات الغرب وتقدمه التكنولوجي الموجود الآن قام على أكتافهم- لم يذكروا في أية مناسبة، لماذا؟ للروح التعصبية العنصرية الغربية، ولعدم وجود ذلك الزخم الكافي أو القدرات التعاونية التي تجعل منهم جسما واحدا ويدا واحدة.. انظر إلى الجالية العمالية المسلمة الموجودة في فرنسا ، استعرض معاناتهم ومشاكلهم: يقذف بواحد منهم من القطار فلا يأبه له أحد، يعاملون معاملة مواطنين من الدرجة التاسعة رغم أنهم مواطنون فرنسيون يحملون الجنسية الفرنسية.. وعندما اتجهوا للقيام بمحاولة لإصلاح أحوالهم في مصنع من المصانع الفرنسية.. لا أحد يجهل ما الذي حاق بهم.. ولو أن هـؤلاء العمال سحبوا واستوعبهم العالم الإسلامي لاهتزت العجلة لدى الغربيين.. ولكن !!

                  ** ألا تعتقد بأننا نحن ساهمنا بهذا لأننا لم نفهم الغرب ولم نحسن التعامل معه؟

                  نعم، ولذلك تحدثت عن تجربة فيصل بن عبد العزيز رحمه الله في فتح الحوار كنت أقصد هـذا، إننا نريد حوارا حضاريا عن قرب مع الغرب.. يجب أن نعترف بأن الغرب وحضارته يسيطران على الحياة الإنسانية.. شئنا أم أبينا، اعترفنا أم أنكرنا.. ويجب أن نفتح حوارا حضاريا معه -حوار الند للند- حتى نفهمه جيدا ونعرف كيف نتعامل معه.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية