الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  خصوصيات النبوة ** حين تأخر الشيوخ في الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ، بدأ البنيان الأصلي في إطار الشباب.. لكن مع ذلك يرى الإنسان تحولات لافتة للنظر في سن متقدمة من أمثال أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

                  بعد أن تجاوزوا الأربعين.. تحولوا إلى الإسلام ولا يزال عطاؤهم ماثلا.. فبم تعلل هـذه الظاهرة ؟

                  ** تلك فترة إعجازية لها كثير من الخصوصيات.. قلت لـ " سارتر " ذات مرة : لا يمكن أن يفهم النبي صلى الله عليه وسلم إلا من سار على طريقه.. ومن معجزات عصر النبوة أن من لم [ ص: 65 ] يسر على طريق النبي وواجهه انهزم.. وقلت له أيضا : بأني أفضل " السارتريين " المعاصرين لرسولنا صلى الله عليه وسلم على " سارتر " القرن العشرين الذي يخلو ذهنه تماما من الانعكاسات والدفع الرهيب لهذا الحضور وهذا النور المشرق في هـذا الإنسان الذي يوحي إليه من السماء، وسارتر المواجه لرسولنا صلى الله عليه وسلم لم يكن أقل أصالة من " سارتر " القرن العشرين، فقد كان دهرياو مصرا على المواجهة ولكنه انهزم، فاعتبرت هـزيمته قمة الإعجاز.. إن فترة الرسول صلى الله عليه وسلم فترة متميزة وخاصة.

                  ** ولكن تبقى عندنا قضية خلود الرسالة الذي يعني الامتداد والتجرد عن حدود الزمان والمكان والاهتداء بهديها في تفسير الظواهر الاجتماعية ؛ لذلك فالقول بالخصوصية والتميز يخشى من أخذه على إطلاقه.

                  ** إن من وصل إلى سن النضج ( 40 - 45) في القرن العشرين ولا يزال يبحث عن حيثيات لقناعاته فإن مشكلته لا بد وأن تسوى على مستوى آخر، باعتبار أن التمرد في القرن العشرين تمرد رهيب لا يكاد يوجد له مثيل في بقية القرون. وفي اعتقادي أن النصف الأخير من القرن العشرين يعادل ـ من حيث كثافة العقل ـ خمسة أو ستة قرون... ذلك أنه يشهد تراكما معرفيارهيبا وبالتالي هـو اختزال للأزمة الفكرية.. والعقل أمام ذلك إما أن يتجاوز أو ينفجر..لأنه أتى بأمور ليست عادية. وكلما يختزل يزيد في اختزاله، وكلما يكثف يزيد في كثافته.. فالقضية ساخنة وكلها غليان.. ولهذا فإن هـذه الفئة التي تعيش في قلب السخونة والغليان، تكون نهايتها إما على طريق " إلتوسير " أو على طريق " جارودي " .

                  وهناك فئة من البسطاء تعيش في القرى بعيدا عن مناطق السخونة والغليان، وهذه يمكن أن يتم حصارها وتشكيل قناعاتها عن طريق القدوة والسلوك.. إلخ

                  أما الفئة الوسيطة ـ ليسوا بالبسطاء أو المتمردين ـ فيمكن أن تعطى لهم الفرصة ليسيروا حتى نهاية المطاف.. ولكن علينا أن نؤمن لهم الطريق من الأخطار.

                  ولا أعتقد أن نهاية العقول المتمردة في الغرب ستطول كثيرا.. ومما يؤكد هـذا المصير، ذلك الشعار الذي طرح أمامنا منذ سنوات في مؤتمر عقد في باريس ، والذي يشير إلى أن نصف المجتمعات المتقدمة سوف يعاني نفسيابعد ربع قرن ـ وربما أقل ـ في أسرة المرضى، بينما ينتظر النصف الآخر دوره في غرفة الانتظار. [ ص: 66 ]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية