الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  تحقيق الذات.. وبرمجة المبادئ

                  ** استطاع الفرد المسلم -إلى حد بعيد- أن يثبت ذاته، وأن يتخلص من مركب النقص تجاه الحضارة الغربية وهو ما يمكن أن نسميه: تحقيق الذات، لكنه لم يستطع بعد ذلك أن يوجد لحركته المؤسسات والأوعية الشرعية التي تنقل المبادئ التي يؤمن بها ونترجمها إلى تطبيقات واقعية، خاصة وأن مرحلة المبادئ يجب أن تستتبعها مرحلة أخرى هـي ترجمة هـذه [ ص: 178 ] المبادئ إلى واقع.. هـذه قضية وإن تحقق الشق الأول منها إلا أن الشق الآخر لما يتحقق بعد، الأمر الذي يخشى معه حدوث ردة فعل نتيجة خيبة الأمل والمراوحة في المكان الواحد.. ما هـي النصائح التي يمكن أن نقدمها للفرد المسلم حتى يتجنب السقوط في هـذه الحفر؟

                  إن ما ذكرته يمثل معاناة حقيقية فعلا، فبعد أن استطعنا من خلال الصحوة الإسلامية -أن نستقطب أو- بمعنى آخر- نعيد الأمر إلى نصابه، واستطعنا أن نعرف أنه لا بديل لإسلامنا وعقيدتنا كمنقذ، ولا بديل للحل الإسلامي لكل مشكلاتنا وقضايانا، لم يتبع ذلك أو لم يواكبه تنظيم أمور حياتنا وبرمجة أعمالنا للاستفادة من هـذه الصحوة بصورة تجعل الفاعلية أكثر والإنتاجية أكبر، وتعيد الثقة والأمل.. وأعتقد أن هـذه المرحلة تحتاج إلى نوع من الصبر وعدم فقدان الثقة والأمل.

                  القضية متشابكة ولا يمكن فصل نظام عن آخر من أنظمة الحياة المختلفة التي تحكم مسيرتها، فما بالك بمجتمع مسلم له منطلقاته وأسسه ومبادئه وأهدافه، وهي أهداف خير لا غشاوة عليها ولا شك فيها.. إنها قضية مرتبطة باعتبارات كثيرة قد لا يستطيع الإنسان حصرها والتحدث عنها، وإذا استطاع أن يحصرها فقد لا يستطيع أن يوفيها حقها من حيث الإيضاح والتفصيل والبيان..

                  وخلاصة القول في ظني: أنه يجب ألا نفقد زخم هـذه الصحوة، وألا يفقد الشباب المسلم الأمل في أن الحل الإسلامي هـو البديل الوحيد.. وأعتقد أن للإعلام دورا أساسيا ورئيسا في هـذا إن استطاع أن يتجرد عن كثير من أعبائه وتبعاته، من زيغه وضلاله -للأسف الشديد- وأنا هـنا لا أخصص جهازا بعينه -صحافة أو إذاعة أو تلفازا- ولكني أتحدث عن الإعلام عامة بما في ذلك خطباء المساجد والوعاظ الذين أعتبرهم من رجال الإعلام، وأعتبر كل وسائل التوعية في المجتمع المسلم وسائل إعلام، وليست وزارات الإعلام أو أجهزة الإعلام المتعارف عليها فقط.. إن القضية تحتاج إلى جهد ومثابرة ومصابرة، والأهم من ذلك كله أن يثبت الشباب وتثبت أفئدتهم الرقيقة التي أوصانا بها الرسول صلى الله عليه وسلم



                  "شوال 1406هـ -يونيو 1986م" [ ص: 179 ]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية