الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  القاسم المشترك أما الحيثية الثانية فهي أن الإسلام، كانتماء، هـو القاسم المشترك الوحيد لأمة متكاملة كبرى، ولا شيء غيره، خاصة في هـذا العصر الذي يرمز له بعصر " القاسم المشترك " .. إذ لا بد لكل مجموعة بشرية من قاسم تتفق عليه لتلتقي فيه كوحدة شاملة لها مردودية وإنتاج ومصالح اقتصادية ولها إستراتيجية قومية، وقوة عسكرية [ ص: 71 ] أيضا.. فهناك مثلا القاسم المشترك الليبرالي، والقاسم المشترك الماركسي.

                  وإذا ما نحينا الإسلام جانبا، فمن المستحيل أن نجد قاسما مشتركا آخر تتفق عليه وتلتقي عنده الأمة الإسلامية، فلا الأرض ولا اللغة ولا التاريخ يمكن أن تكون القاسم المشترك لأمتنا وذلك لأن الأرض واللغة والتاريخ تعتبر امتدادا للإسلام.. وهنا لا ننكر أن لكل شعب من شعوب الأمة الإسلامية تقاليده وعاداته وبيئته وخصوصياته، وتلك ليست مشكلة.. فحينما يأتي نداء الشمول والتكتل الكوني ويقول الأمريكي : الولايات المتحدة الأمريكية ، ويقول الأوروبي : الدولة الأوروبية المتحدة أو السوق الأوربية المشتركة، ويقول الروسي : الاتحاد السوفييتي ، ينبغي على المسلم أن يقول : الأمة أو المجتمعات أو الأقطار الإسلامية المتحدة.. لا بد من " الإسلامية " لأنها وحدها التي ترمز لاتحاد الأمة.. والإسلام أمة، فإذا عزلت عنه مفهوم الأمة عزلته هـو.. والمسلمون وصفوا بأنهم خير أمة.. ( كنتم خير أمة أخرجت للناس.. ) ( آل عمران : 110) ، ومن الصعب أن نضع علامة استفهام على هـذه الخيرية إرضاء لهذا أو لذاك، وحين نمارس المجاملة أو المداهنة التي لا أساس لها فإننا بذلك نتنكر لكل الأسس العلمية والمنطق والتاريخ والجغرافيا.. إلخ.. وربما لهذا نجد الدول المتقدمة تفعل المستحيل اليوم حتى لا يتحقق هـذا القاسم المشترك الحقيقي.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية