الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  فقه الدعوة ملامح وآفاق [الجزء الأول]

                  عمر عبيد حسنة

                  تحرير النية والبحث عن الصواب

                  يعزف بعض الناس عن المراجعة واكتشاف مواطن الخطأ والتقصير، تحت شعار: أن هـذا بلاء ومحنة من الله، وأنه لا يد لهم في قضية المحنة وما يمكن أن يترتب من حكم الله تعالى، ما هـو الحد الفاصل بين ما يمكن أن يسمى محنة وبين ما يمكن أن يعتبر مسئولية الإنسان في مواجهة الخطأ والتقصير لإصلاحه؟

                  المسلم - الداعية بشكل خاص - مطالب بأن يستفرغ جهده في إحسان العمل.. وإذا قصر في الوصول إلى إحسان العمل قصر في أداء رسالته، والله تعالى يقول: ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) [الملك:2]، ولا بد أن نفرق بين أمرين كبيرين: الأمر الذي يقع علينا دون أن يكون لنا يد فيه "قدر الله وما شاء فعل". والأمر الذي من صنع أيدينا، وهو ما لا بد أن نراجعه.. ولقد اتخذ العلماء قول الله تعالى: ( فاعتبروا يا أولي الأبصار ) [الحشر:2]، [ ص: 52 ] أساسا من أسس مبدأ القياس في أصول الفقه.. والآيات كثيرة ( وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين ) * ( وليعلم الذين نافقوا ) [آل عمران: 166، 167]، ( ليميز الله الخبيث من الطيب ) [الأنفال:37]. فإذا كان الله يعلم عباده كيف يعرفون أنفسهم، فكيف يقصر المسلم في معرفة جوانب الخطأ وجوانب الصواب؟

                  ** إن فوت النتائج قد يحول بين الإنسان وبين مراجعة المقدمات وإحسانها، للوصول إلى النتائج الصحيحة تحت عنوان: علي أن أعمل وليس علي إدارك النتائج.. وقد امتدت هـذه القضية إلى درجة عطلت المراجعة واكتشاف مواطن التقصير، ذلك أنه حينما تتخلف النتائج، لا تنسب القضية إلى المقدمات الخطأ، وإنما تنسب لأمر خارج على ذلك.

                  هذه قضية خطأ في الفكر الإسلامي.. فالإنسان مطالب بتحرير النية وإخلاصها، وما لم يحرر النية فعمله مردود إليه.

                  ** قد يحرر النية لكنه لا يبحث عن الصواب!

                  هو مطالب بالأمرين، ولذلك لما أمره الله بأن يتحرر من الهوى والشهوة، أمره كذلك باتباع أحسن الطرق ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ) [الجاثية:18]، وهذا الاتباع لا يكون إلا إذا قدح الإنسان زناد فكره واستفرغ وسعه.. ولهذا سمي الاجتهاد استفراغ الوسع والطاقة للوصول إلى أحسن النتائج، وحينما نتأمل سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، نجده علمنا استفراغ الوسع في الأخذ بالأسباب المؤدية إلى النجاح.. والسيرة النبوية كلها عبارة عن خارطة واضحة جدا في هـذه القضية.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية