الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  الطريق إلى الحل ** وفي هـذا الصدد يرى الشيخ كنون أن عدم تعامل بعض الحكام مع الحركة الإسلامية يعود -أساسا- إلى أسباب شخصية، ويوضح ذلك فيقول:

                  بينما تدعو الحركة الإسلامية للالتزام بآداب الإسلام وأخلاقه نجد أن بعض الحكام متحللون رافضون أن يقيدهم أحد بأي قيد.. إنهم يحبون أن يعم التحلل المجتمع حتى لا يبقوا وحدهم منبوذين غرباء عنه، وحتى يكون الجميع على مستوى واحد من التحلل والتفسخ.. ولهذا يعادي بعض الحكام الحركات الإسلامية.. وأحيانا يعادونها بسبب سلوك بعض المتشددين من رجال الحركة الإسلامية ومواقفهم إزاء قضايا معينة مثل قضية "الحكم".

                  أما عن زيادة عدد الشباب المسلم في المساجد وانتشار الكتاب الإسلامي والمجالات الإسلامية وما إلى ذلك، فإنه قد لا يعني أن هـناك حركة توجه حقيقية نحو الإسلام.. وينبغي ألا تغرنا هـذه المظاهر كثيرا، فربما لم تكن من الصحوة الإسلامية في شيء.. وقد نجد أن بعض من يمثلون هـذه "الصحوة" من المشتغلين بسفاسف الأمور، الأمر الذي يثير الفتن ويفتح أبواب الخلاف والشقاق بين المسلمين من جديد.. وفيها كذلك جماعة أخرى من الذين يريدون عبادة الله في المساجد فقط دون أن يكون لهم وجود فيما سواه.. وهؤلاء لا يستجيبون للصيحة إذا نادتهم.

                  يضاف إلى ذلك أن بعض القائمين على أمر الحركة الإسلامية لا يزالون يتجاوزون بعض المراحل التي لم يصل إليها الشعور الإسلامي العام، متناسين أن ما ضاع منا، لم يكن ضياعه في يوم وليلة، وأن استرداده لا يمكن أن يتم في يوم وليلة كذلك وإنما على [ ص: 119 ] مراحل، وقد أدى هـذا التجاوز -في بعض البلاد الإسلامية- إلى حدوث الكثير من المصادمات مع الحركة الإسلامية.

                  ** وكيف ترون فضيلتكم الطريق إلى حل هـذه المشكلات؟

                  في اعتقادي أنه بإمكاننا تجنب ما يحدث من صدامات إذا استطعنا عقد مؤتمر شعبي وليس رسميا، ونظمنا الحركة الإسلامية والدعوة الإسلامية واتفقنا على القاسم المشترك الذي ينبغي أن نبثه الآن فيما بيننا، وقد يكون في ذلك خير كثير للمسلمين ووقاية لهم، إن اتفاقنا اليوم ضرورة، فنحن مواجهون بقوى عالمية تعمل جاهدة للإطاحة بالإسلام، واستبداله بنظم أخرى، ولكن عالمنا الإسلامي مضطرب، يضرب بعضه بعضا، ويعادي بعضه بعضا، ولم يعد كما قال القائل يوما، مثل صندوق الخشب، إذا نقرته من جهة سمع الصدى من جهة أخرى، وهذا ما يجعلني أصر على أن الصحوة الإسلامية لا تزال على تحفظ وتساؤل.

                  ** وهل من كلمة توجهونها إلى هـذا الشأن إلى العاملين في حقل الدعوة والعمل الإسلامي؟

                  إن أهم شيء يجب أن يشتغل به العاملون في حقل الدعوة الإسلامية:

                  أولا: جمع الشمل والكلمة، ونبذ الشتات والسفاسف، وعدم الاشتغال بالأمور الثانوية والجزئيات التي لن يكون لها إلا الأثر السلبي في توجه الأمة الإسلامية نحو غاياتها المنشودة.

                  ثانيا: الهدنة، وتجنب الاصطدام، ينبغي أن نعود من جديد، وأن نستمر وذلك لرد القافلة إلى طريقها الذي يصل إلى المطلوب، جماعة لا فرادى، فمسيرة الدعوة تتطلب الوحدة وترفض الفرقة، معاملة تسامح ومعاملة هـدنة إلى أن تعود للأمة الإسلامية ما كان لها من تضامن وتجاوب وتماسك وتعاون على الغاية الموحدة.

                  ثالثا: العمل على إيقاف الحروب والمطاحنات التي تدور رحاها بين كثير من بلاد العالم الإسلامي.

                  رابعا: الحذر والحيطة -بدرجة أكبر- من الآخرين.

                  وأخيرا: أن نكون قدوة حسنة لنكون بذلك ( خير أمة أخرجت للناس )

                  "صفر الخير 1403هـ - ديسمبر 1982م" [ ص: 120 ]

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية