الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  دعوة المتطوعين

                  ** أما القضية الثانية، فهي تفرض نفسها على الضمير الإسلامي في كل مكان، قضية المجاعة التي تجتاح مجتمعات المسلمين في أفريقيا، والضغوط التي تخضع لها هـذه المجتمعات من قبل مؤسسات التنصير.. يقول الدكتور نصيف :

                  إن الأوضاع هـناك أسوأ بكثير مما أستطيع أن أصفها، وهي تثير الحزن والألم الشديد في القلب.. ولابد أن يكون للمسلمين دور إيجابي باستقطاب المتطوعين من كل [ ص: 90 ] التخصصات والمستويات للمساهمة في خدمة المسلمين.. وقد تعلمون أن عدد المنظمات التنصيرية في أفريقيا بالذات أربعة آلاف منظمة تستخدم ما يزيد على عشرة ملايين من مختلف التخصصات، في الطب والتعليم والإدارة، وحتى التخصصات الفنية الدقيقة، واستغلت هـذه المنظمات فقر المسلمين وجهلهم وحاجتهم، وبثت فيهم الشك في دينهم - إن لم تنصر بعضهم - وتركتهم بلا عقيدة ولا أخلاق، وبعد ظهور الجفاف الذي تطور إلى مجاعة، أصبح المسلمون يتلهفون على الإغاثات والمعونات من أية جهة، ولا يعنيهم بالطبع أن تكون هـذه الجهات تنصيرية، فالمسلمون هـناك يرون أطفالهم يموتون أمامهم كل ساعة، حتى أصبحوا عاجزين عن التفكير، وقد وجدت البعثة التي أرسلتها رابطة العالم الإسلامي إلى مناطق في السودان وأجزاء من الصومال أنه لا يوجد على قيد الحياة طفل دون السنتين من عمره، والأطفال الأكبر سنا يعانون من الجوع، بطونهم منتفخة بسبب قلة المواد البروتينية وغالبا يموتون، أما العائلات التي تستطيع الهجرة فإنها تبدأ رحلتها بعشرة أفراد، وعندما ينتهي بها المطاف يبقى منها فرد وحد، الأب أو الأم أو أحد الأبناء البالغين.

                  ** ونتوقف هـنا عند الجهود التي قامت بها الرابطة لمواجهة قضية الجوع، التي ذكرها الأمين العام الدكتور عبد الله نصيف :

                  وجهت رابطة العالم الإسلامي نداء للمسلمين، تدعوهم فيه إلى ضرورة الالتفات إلى هـذه القضية على وجه السرعة؛ لأن عامل الزمن هـنا مهم جدا، فالجفاف لم يترك أثرا لأي زرع أو نبات، حتى الأشجار السامة يأكلها الناس وهم يعلمون أنهم خلال يومين أو ثلاثة سيموتون، وهم يكفنون موتاهم بورق الصحف لعدم وجود أقمشة.. والوضع يتفاقم يوما بعد يوم.. لقد وجدت الرابطة أن هـناك حلين سريعين:

                  أولا: إرسال المؤن والأغذية بالطائرات وبالقطارات والسيارات، إلى مناطق المتضررين حتى لا ينزحوا عنها إلى المدن.

                  ثانيا: حفر الآبار في مناطق الجفاف، وهذا في الحقيقة أهم عمل إيجابي فعال يمكن القيام به في الوقت الحاضر، حيث يوفر البئر ماء للشرب ولري الأراضي وتوفير العلف للماشية؛ لأن الناس هـناك لا يستغنون عن ماشيتهم ويموتون معها إذا ماتت، لكن هـناك ملاحظة وهي أن الآبار السطحية لا نفع لها؛ لأن الجفاف قد وصل إلى مستواها، ولا بد من الحفر على مستوى ثلاثمائة متر على الأقل، والبئر من هـذا النوع يتكلف من مائة [ ص: 91 ] ألف إلى مائتي ألف ريال سعودي في المتوسط.. لكن ما نحتاج إليه في الحقيقة هـو إثارة مشاعر المسلمين وبذل الجهد للحصول على متطوعين من المسلمين يقومون بتوزيع هـذه المؤن والإغاثات على إخوانهم، وقد نعلم أن المنظمات التنصيرية لا تعتمد على موظفين، إنما تعتمد على متطوعين من طلاب وطالبات الجامعات يقضون إجازة الصيف في هـذه المناطق.. ونحن أولى منهم؛ لأن ديننا يأمرنا بذلك، وعقيدتنا الإسلامية تفرض علينا هـذا العمل، وإننا لنأثم عندما نعلم أن أخوة لنا يموتون جوعا ونحن لا نبالي، ننعم ونتمتع - والحمد لله - بالمأكل والمشرب والمنام.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية