الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  الدين الموثق

                  ** مما هـي مبررات اعتقادكم بأنه سيكون للإسلام دور في إنقاذ البشرية المتمردة ؟

                  ** إن الإسلام يتمتع بميزات لا وجود لها في أي دين آخر.. فهو الدين الوحيد الذي يستطيع أن يتحاور مع المتمرد.. وقد اعترف بذلك " كونت " حين ذهب إلى القول بأنه إذا كان ولا بد للإنسانية أن تعود إلى دين " وضعي " ـ أي علمي ـ يتمشى ومتطلبات العصر، فلن تجد إلا الإسلام.. هـذا الاعتراف قيل في القرن التاسع عشر، عصر التمرد الأساسي في المدرسة الوضعية.. وهذه القدرة على المحاورة التي يتمتع بها الإسلام تنبع من تجاوزه الشكليات، فهو يتحدث دائما بلغة الشمول والتجانس والإيقاع الكوني، ويتنزه عن الحماقات البشرية، وهذا ما يلفت نظر العقل المتمرد..

                  أما الميزة الأخرى التي لا تقل أهمية وخطورة وستشكل رصيدا كبيرا للإسلام.. فقد أكدها لي أحد فلاسفة الروحانيات النصرانية المعاصرة في القرن العشرين، وهي : أن الإسلام هـو الدين الموثق الذي من خلاله توثق بقية الأديان.. وأن أكبر دليل على المسيحية نفسها هـو ما جاء في القرآن.. ولذلك فإن العقل المتمرد الذي لا يقبل إلا بشيء موثق نواجهه بالقرآن ؛ الوثيقة التاريخية الأقدم..

                  هل تعتقد أن من اليسير تحويل العقل المتمرد إلى عقل مسلم ؟

                  ** نحن ـ المؤمنين ـ نسلم بأن الإسلام سيكون له نصيب في المستقبل.. وعندما أسلم " غارودي " لم يكن إسلامه بسبب إقناع أحد من المسلمين له بالإسلام وإنما عقليته واجتهاده الشخصي أوصلاه إلى الإسلام.. وهذا قد يحدث ـ كما قلت ـ لكثير من العلماء في ربع القرن الأخير.. ولكن علينا ألا نترك هـذه العقول المتمردة تصل إلى " الغارودية " عن طريق التلقائية والاجتهاد الشخصي..

                  ** قد تبدو المشكلة في كيفية إخراج المسلمين من حالة الانتظار حتى ينتهي العقل الغربي إلى ما قد ينتهي إليه بالتلقائية والاجتهاد الشخصي..

                  يجب علينا كأمة وسط أن نحدث تداخلات علمية إسلامية لهذه العقول المتمردة ونحولها للإسلام.. وهنا سنكسب قوى كبرى.. [ ص: 67 ]

                  ولا بد أن نسلم بأن هـناك حاليا تناقضات في المجتمعات الاسلامية، وأن هـناك مشاكل وهموما بشرية لدى المسلمين.. والذي أخشاه هـو أن تفتعل مشاكل المسلمين مشاكل للإسلام.. وما أتمناه هـو أن تظل مشاكلنا بشرية، وأن نتمكن من آن لآخر من طرح الحل الإسلامي ولو بالكلمة الطيبة وذلك أضعف الإيمان.

                  ولست أعتقد بأن المسلم المعاصر بمشاكله التي لا حصر لها، يستطيع أن يقنع غير المسلم الغربي، ذي العقلية المتمردة القادرة، الذي استطاع أن يحل مشاكله مع الآخرين وبقيت له مشكلة كبرى هـي مشكلته هـو مع نفسه..

                  إن المجتمعات الإسلامية تعاني حاليا من مشكلات عضوية لدى الإنسان المسلم : من سوء توظيف لقدراته الذهنية وخبراته وسلوكه.. والأزمة باختصار شديد هـي أزمة جيل لا أزمة مصير.. وتحاصر بمحاصرة الكبار وتنمية الصغار

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية