الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 396 ] وضمن ، إن أقبض الدين ولم يشهد [ ص: 397 ] أو باع بكطعام . نقدا ما لا يباع به وادعى الإذن ، فنوزع

التالي السابق


[ ص: 396 ] و ) إن وكله على إقباض دين فأقبضه لمستحقه ولم يشهد عليه وأنكر مستحقه قبضه منه وحلف على عدمه ( ضمن ) الوكيل الدين ( إن أقبض ) الوكيل ( الدين ) لمستحقه ( ولم يشهد ) الوكيل بضم التحتية وكسر الهاء شاهدين على إقباضه له وأنكر المستحق قبضه لتفريط الوكيل بترك الإشهاد عليه ، وظاهره ولو كانت العادة ترك الإشهاد عليه وهو كذلك على المشهور . وقيل لا يضمن إن كانت العادة عدمه وحكم إقباضه المبيع بلا إشهاد وجحده أو الثمن كذلك وجحده البائع حكم إقباض الدين بلا إشهاد ، وفي بعض النسخ حذف مفعول أقبض فيعم الدين وغيره ، وهذه إحدى طريقتين في المذهب ، وهي طريقة الرجراجي ، ونصه فإن جحد له الثمن جملة فهل يصدق فالمذهب على قولين أحدهما أنه لا يصدق ويضمن لتفريطه بترك الإشهاد قاله ابن القاسم في الكتاب وهو مشهور المذهب .

والثاني : أنه يصدق ولا يضمن قاله عبد الملك في الوكيل والمبعوث معه مال ليدفعه لرجل فزعم دفعه له وأنكر المبعوث إليه دفعه له لأن العادة اليوم ترك الإشهاد على مثل هذا وابن القاسم ضمنهما في الجميع . ابن الحاجب لو أسلم ولم يشهد فجحد المشتري السلعة أو البائع الثمن ضمن ولو أقبض الدين فكذلك . وقبل إلا أن تكون العادة الترك ، والطريقة الأخرى أنه لم يختلف في سقوط الضمان إن جرت العادة بترك الإشهاد ، وإنما الخلاف إذا جرت بالأمرين أو لم تكن عادة ، وهذه تشبه أن تكون للخمي وأبي الحسن .

( تنبيهان )

الأول : فيها ضمان الوكيل ولو صدقه الموكل في الدفع لتفريطه .

الثاني : محل ضمانه إذا لم يدفع بحضرة موكله وإلا فلا يضمن ، ففي كتاب القراض وإذا دفع العامل ثمن سلعة بلا بينة فجحده البائع وحبس السلعة فالعامل ضامن ، وكذلك الوكيل على شراء سلعة يدفع الثمن بلا بينة فيجحده البائع فهو ضامن ، ولرب المال أن يغرمهما وإن علم رب المال بقبص الثمن بإقراره عنده ثم جحده أو بغير ذلك ويطيب له [ ص: 397 ] ما يقضى له به إلا أن يدفع الوكيل بحضرة رب المال فلا يضمن ، وقاله ابن الحاجب في الوديعة ، وتقدم في الحمالة عن البيان نحوه .

وعطف على أقبض فقال ( أو ) أي وضمن الوكيل إن ( باع ) الوكيل ( بكطعام ) وعرض ( نقدا ) أي حالا ، ومفعول باع ( ما ) أي عرضا ( لا يباع ) عادة ( به ) أي كالطعام ( وادعى ) الوكيل ( الإذن ) له من موكله في بيعه بكطعام ( فنوزع ) بضم النون وكسر الزاي ، أي أنكر موكله إذنه له في بيعه بذلك ولا بينة له عليه . الحط ولم يبين المصنف رحمه الله تعالى ما الذي يضمنه ، وهل ذلك مع قيام المبيع أو فواته والحكم في ذلك إن كان المبيع قائما يخير الموكل في إجازة البيع وأخذ ما بيع به أو نقضه وأخذه مبيعه ، وإن كان فات خير في أخذ ما بيع به أو تضمين الوكيل قيمته . قال فيها إن باع المأمور سلعة بطعام أو عرض نقدا ، وقال بذلك أمرتني وأنكر الآمر ، فإن كانت مما لا تباع بذلك ضمن . وقال غيره إن كانت السلعة قائمة فلا يضمن المأمور ويخير الآمر في إجازة البيع وأخذ ما بيعت به أو نقض البيع وأخذ سلعته ، وإن كانت فاتت يخير في أخذ ما بيعت به من طعام أو عرض أو تضمين الوكيل قيمتها وتسليم ذلك إليه .

أبو الحسن قوله ضمن ، ظاهره فاتت السلعة أم لا ، وليس كذلك ، وإنما معنى قوله ضمن إذا فاتت السلعة فقول الغير وفاق . قال في التنبيهات فقوله ضمن أي قيمة السلعة يريد مع فواتها . وأما إذا كانت قائمة فيخير في إجازة بيعها وأخذه ما بيعت به ورده وأخذها بعد يمينه أنه لم يأذن له في ذلك كما سيأتي ، ويؤخذ من كلام عياض الآتي وقوله نقدا احترز به مما إذا باع بذلك إلى أجل فلا يجوز له الرضا به ولا أخذ القيمة كما تقدم ، ثم قال في التنبيهات انظر إذا كان المأمور لم يعلم المشتري أنها لغيره واحتاج إلى إثباته والخصام فيه هل هو فوت وهو الأشبه .

وكذا لو ثبت ولزمته اليمين ، وإنما الذي لا إشكال فيه إذا أعلم المأمور المشتري بتعديه . ا هـ . وهذا والله أعلم هو الذي أشار إليه بقوله وادعى الإذن فنوزع فأراد أن ينبه [ ص: 398 ] على أن منازعته في الإذن ومخاصمته فيه وتوجيه اليمين عليه بسبب ذلك فوت يوجب الضمان ، ولذا لم يذكر هل السلعة قائمة أو فاتت ولو لم يرد التنبيه على هذا لما كان لذكر هذه المسألة فائدة لاستفادتها مما تقدم .



( فرع )

في المسائل الملقوطة ، للموكل رد بيع وكيله بغبن فاحش وتضمين الوكيل القيمة إن تلف المبيع . ا هـ . من الجزيري . وفي الذخيرة فرع ، قال علي البصري في تعليقه إذا باع الوكيل بما لا يتغابن به الناس رد ، وقاله الشافعي رضي الله تعالى عنه لعزله عن ذلك عادة . وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه يصح لأن اسم البيع يتناوله لأنه أعم . وجوابه عمومه مقيد بالعادة ، وكذلك منع مالك والشافعي رضي الله تعالى عنهما بيعه بالدين ، وجوزه أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه من الإطلاق ، وجوابه ما تقدم . قلت وهذا أعم مما تقدم والله أعلم .




الخدمات العلمية