الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  فقه الدعوة ملامح وآفاق [الجزء الأول]

                  عمر عبيد حسنة

                  التطرف.. وترويج المصطلحات

                  ** ننتقل إلى نقطة أخرى، يمكن أن تعتبر قضية الساعة بالنسبة للعمل الإسلامي: يصف كثير من الناس - وعلى مستويات متعددة - كوسيلة من وسائل حرب الإسلام نفسه، دعاة الإسلام بشكل عام أو بعض دعاة الإسلام في بعض الأماكن من العالم الإسلامي، بالتطرف والتزمت والتشدد وما إلى ذلك من النعوت، لشل حركة الدعوة الإسلامية، وتخويف الناس من الاستجابة لها، وإحاطة العاملين للإسلام بجو من الرعب حتى يمكن أن نقول: إن هـذه التهمة أوجدت نوعا من الحواجز النفسية بين الناس وبين الإسلام، حتى إن بعض دعاة الإسلام أنفسهم وقعوا في هـذا الشرك الذي نصب لهم فبدأوا يتحدثون عن التطرف ويسكتون عن جرائم أعداء الإسلام.. ولا شك بأن خصوم الإسلام يستغلون بعض صور التطرف - بعض الصور الشاذة - ويوظفونها لأغراضهم، فما هـي في رأيكم الوسيلة الناجعة لمعالجة هـذه القضية؟

                  من الموافقات البشرية في حياة الأمم وفي حياة الديانات كذلك أنها تروج مصطلحات [ ص: 23 ] يستغلها المغرضون دائما لإسقاط معنى أو لإخراج عامل مثلا أو داع أو مفكر. فكانت كلمة الصابئة هـي الكلمة الأولى التي استغلتها قريش ، فمن دخل في الدين الإسلامي قيل إنه صبأ أو صابئ. ثم في القرون الوسطى بالنسبة للتاريخ الإسلامي لا أقول بالنسبة للتاريخ العام كانت كلمة الوهابية.. وكلمة المحافظين مثلا والمتزمتين.. هـذه كلها كلمات دقيقة وكلمات مرنة يمكن أن تستخدم لغرض صالح، ويمكن أن تستغل لغرض شنيع. فالتطرف في استخدام هـذه الكلمة تطرف.. قد تطرف الناس في استخدام كلمة التطرف.. كانوا متطرفين في رمي بعض الجماعات بالتطرف، لا شك أن هـناك تطرفا، ومغالاة، وتزمتا وجمودا، هـذه كلها حقائق واقعية، ولكن تطبيقها على الأشخاص، وتطبيقها على حوادث خاصة، وعلى مدارس فكرية خاصة، يحتاج إلى عدل، يحتاج إلى وزن صحيح دقيق. لم يكن الناس في الحقيقة دقيقين في استخدام هـذه الكلمات.

                  ** نعود إلى الكلام في قضية التطرف.. ما هـي في اعتقادكم - ومن خلال الرؤية التي ترونها - أسباب التطرف الذي يقولون بأنه قائم وموجود؟

                  في الحقيقة، الرمي بكلمة التطرف نشأ كرد فعل، كما تعرفون في بعض البيئات الإسلامية، لما ابتعد المسلمون عن تعاليم الإسلام، الذين أرادوا أن يعيدوا المسلمين إلى التعاليم الإسلامية قد رموهم مثلا بالجاهلية، يقولون إنهم جاهليون وإن حياتهم جاهلية - بمعنى الجاهلية التي كانت قديمة سابقة للإسلام - فهناك تطرف في إطلاق هـذه الكلمة على أناس عندهم تقصير في العمل مثلا أو أنهم ليسوا على المستوى الكامل، المستوى الرفيع من التطبيق الإسلامي، رميهم بالجاهلية هـذا فيه تطرف. كذلك هـناك تطرف عملي، مثلا بعض الناس يلزمون كل واحد أن يكون دقيقا في كل سنة مثلا في أول يوم، لا يتسامحون معهم، بل يريدون أن يكونوا مثلا كاملا للاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، والعمل بالسنة من أول يوم دون تدرج. هـذا فيه ما ينافي الحكمة، وفيه شيء من التطرف.

                  التطرف يكون من جانبين: التطرف من السلبيين والتطرف من الإيجابيين.

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية