الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو قال يا ابني أو يا أخي لم يعتق ) لأن النداء لإعلام المنادى إلا أنه إذ كان بوصف يمكن إثباته من جهته كان لتحقيق ذلك الوصف في المنادى استحضارا له بالوصف المخصوص كما في قوله يا حر على ما بيناه ، وإذا كان النداء بوصف لا يمكن إثباته من جهته كان للإعلام المجرد دون تحقيق الوصف فيه لتعذره والبنوة لا يمكن إثباتها حالة النداء من جهته لأنه لو انخلق من ماء غيره لا يكون ابنا له بهذا النداء فكان لمجرد الإعلام . ويروى عن أبي حنيفة رحمه الله شاذا أنه يعتق فيهما والاعتماد على الظاهر . ولو قال : يا ابن لا يعتق لأن الأمر كما أخبر فإنه ابن أبيه ، وكذا إذا قال : يا بني أو يا بنية لأنه تصغير الابن والبنت من غير إضافة والأمر كما أخبر .

التالي السابق


( قوله ولو قال يا ابني أو يا أخي لم يعتق ) لأن النداء لإعلام المنادى بمطلوبية حضوره ، فإن كان بوصف يمكن إثباته من جهته تضمن تحقيق ذلك الوصف تصديقا له كما سلف ، وإن لم يمكن تجرد للإعلام والبنوة لا يمكن إثباتها من جهة العتق إلا تابعا لو تخلق من ماء غيره ولا تثبت لثبوت النسب ، وعلى هذا فينبغي أن يكون محل المسألة ما إذا كان العبد معروف النسب وإلا فهو مشكل ، إذ يجب أن يثبت النسب تصديقا له فيعتق . وفي نوادر ابن رستم عن محمد رحمه الله لو قال لعبده يا عمي يا خالي أو يا أبي يا جد أو يا ابني أو لجاريته يا عمتي يا خالتي أو يا أختي أو لعبده يا أخي لا يعتق في جميع ذلك ، ووجهه على وجه يدفع . واعلم أنه إذا كان المقصود من النداء استحضار الذات إلا أنه إذا كان يوصف يمكن إثباته من جهة المنادى بذلك اللفظ جعل مثبتا له مع النداء وإلا لا ، ولا شك أن الأبنية لا يمكن إثباتها لذلك اللفظ سواء خلق من مائه أو من ماء غيره ، فقول المصنف لأنه لو خلق [ ص: 440 ] من ماء غيره إلى آخره لا فائدة فيه للقطع بأنه إذا خلق من مائه لا تثبت إلا بنية إلا بذلك التحقيق من ذلك الماء لا باللفظ ، وهذا على أن ثبوته لا بطريق الاقتضاء ، وذلك لأن ما يثبت لتصحيحه يجب كونه خبرا صريحا بخلاف ما تضمنه النداء بالوصف ، وعلى هذا فما قدمنا تقريره في يا حر مساهلة لعدم اختلاف الجواب فإن الثابت الحرية ، فإن قرر ثبوتها اقتضاء للخبر الضمني أو إثباته منه بلفظ النداء بالوصف يحصل المقصود . وأما الرواية عن أبي حنيفة التي ذكرها المصنف شاذة فليس وجهها إلا لزوم الثبوت اقتضاء للخبر الضمني بتحقق وصف الأبنية ، غير أنه يستلزم ثبوت النسب إذا كان العبد مجهول النسب ، ومثله يولد له ، وعدم العتق إذا كان معلوم النسب .




الخدمات العلمية