الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن أعتق نصف عبده عن كفارته ثم أعتق باقيه عنها جاز ) لأنه أعتقه بكلامين والنقصان متمكن على ملكه بسبب الإعتاق بجهة الكفارة ومثله غير مانع ، كمن أضجع شاة للأضحية فأصاب السكين عينها ، بخلاف ما تقدم لأن النقصان تمكن على ملك الشريك

[ ص: 265 ] وهذا على أصل أبي حنيفة . أما عندهما فالإعتاق لا يتجزأ ، فإعتاق النصف إعتاق الكل فلا يكون إعتاقا بكلامين .

التالي السابق


بخلاف المسألة التي بعد هذه فإنه أعتق نصفه ثم نصفه بعد كون الكل على ملكه فتمكن النقصان على ملكه بسبب الإعتاق بجهة الكفارة فيجوز ، كمن أضجع شاة ليذبحها أضحية فأصابت السكين عينها فاعورت

فإن قيل : الملك في المضمون يثبت مستندا إلى وقت وجود السبب وبه يظهر أن نصيب الساكت ملك للمعتق زمان الإعتاق وهو إذ ذاك لا نقصان فيه .

قلنا : الملك إنما يثبت مستندا في حق الضامن والمضمون له لا في حق غيرهما فيتمكن النقصان في نصيب الساكت في حق غيرهما والكفارة غيرهما فلم تجز ، ولا يخفى أن التعيب ضرورة إقامة المأمور به ليس كالتعيب بصنعه مختارا ، حتى أنه لو فقأ عين الشاة مختارا عند الذبح نقول لا يجزيه ، فكان المشترك أولى بالإجزاء من العبد المختص .

لأن مالك [ ص: 265 ] النصف لا يقدر على عتقه إلا بطريق عتق نصفه فحاله أشبه بذابح الشاة من مالكه على الكمال . وجوابه أن المعنى أنه حصل بسبب إقامة الواجب ، وهذا القدر كاف في عدم مانعيته لا يتوقف على كونه بحيث لا يمكن إقامة الواجب إلا كذلك ، فإن الشارع لما أطلق له العتق بمرة وبمرات كان لازمه أنه إذا حصل النقص بسببه مطلقا لا يمنع .

وعن هذا بحث بعضهم أنه يجب الإجزاء في الصورتين ، فإن النقص في الأول أيضا حصل بسبب العتق كالثاني ، والعمد وعدمه سواء لأنه نقصان حكمي فيستوي فيه العمد والخطأ ، ولأن الملك بالضمان يستند فيظهر ملكه في الكل عند إعتاق النصف فيكون كالصورة الثانية .

وأجاب عن قولهم إنما يستند في حق الضامن والمضمون له دون الكفارة بأن النقص لما كان حكميا فسواء وجد في ملكه بين إعتاق نصفه وإعتاق باقيه أو في ملك غيره بين الإعتاقين ، لأنه لو كان ينافي كمال الرقية منع مطلقا .

وجوابه أن منافاة الكمال لا تستلزم منافاة الإجزاء إلا إذا كان في غير ملكه لأنه أهدر لحصوله بسبب إقامة الواجب ، غير أنه إذا وقع في ملك غيره وضمنه كان مشتريا الناقص رقا معنى فمعتقه عن الكفارة ، بخلاف ما إذا وقع في ملكه حيث يتحقق فيه الإهدار دون الشراء معنى لناقص الرق ثم إعتاقه ، فحيث أهدر كان كأنه أعتق نصفه وبعض النصف الآخر ثم أعتق باقيه ، بخلاف الأول لا يمكن جعل النقصان في ذلك النصف مضافا إلى الكفارة لعدم ملكه لذلك النصف فبطل قدر النقصان إذا كان في ملك غيره فلم يقع عن الكفارة




الخدمات العلمية