الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن ضرورة التعميم التكرار . قال ( فإن تزوجها بعد زوج آخر وتكرر الشرط لم يقع شيء ) [ ص: 124 ] لأن باستيفاء الطلقات الثلاث المملوكات في هذا النكاح لم يبق الجزاء وبقاء اليمين به وبالشرط . وفيه خلاف زفر رحمه الله تعالى وسنقرره من بعد إن شاء الله تعالى ( ولو دخلت على نفس التزوج بأن قال : كلما تزوجت امرأة فهي طالق يحنث بكل مرة وإن كان بعد زوج آخر ) لأن انعقادها باعتبار ما يملك عليها من الطلاق بالتزوج وذلك غير [ ص: 125 ] محصور .

التالي السابق


( قوله ومن ضرورة التعميم التكرار ) أورد في كل عموم ولا تكرار ، فإنه لو قال : كل امرأة أتزوجها طالق فتزوج فطلقت ثم تزوجها بعد ذلك [ ص: 124 ] لا تطلق ، وأما الوقوع على امرأة أخرى بتزوجها فباعتبار عموم الاسم ولم ينشأ من نفس الشرط . وأجيب بأن المراد تعميم الأفعال والتكرار من ضرورته لأنه كما يكون باعتبار القيام بآحاد متعددة يكون بتجدد الأمثال من واحد ( قوله ولو دخلت على نفس التزوج بأن قال : كلما تزوجت امرأة فهي طالق يحنث بكل مرة ) أبدا لأن الشرط ملك يوجد في المستقبل وهو غير محصور ، وكلما وجد هذا الشرط تبعه ملك الثلاث فيتبعه جزاؤه وعن أبي يوسف في المنتقى : إذا قال كلما تزوجت امرأة فهي طالق فتزوج امرأة طلقت ، فإن تزوجها ثانيا لا تطلق إلا مرة واحدة .

ولو قال ذلك لمعينة كلما تزوجتك أو تزوجت فلانة تكرر دائما ، واستوضحه بما إذا قال : كلما اشتريت ثوبا أو ركبت دابة لا يلزمه ذلك إلا مرة واحدة . والحاصل أن كلما عند أبي يوسف إنما توجب التكرار في المعينة لا في غير المعينة .

وحقيقة البحث ادعاؤه اتحاد الحاصل بين كل وكلما إذا نسب فعلها إلى منكر . فإن قلت : بينهما فرق ، فإن كلا يقتضي عموم الأسماء وعموم الأفعال يثبت ضرورة ، وكل ما يقتضيه في الأفعال وعموم الأسماء يثبت ضرورة ، فإذا وجد في لفظ كل اسم واحد انحلت في حقه ولا يتكرر به نفسه وبقيت فيما سواه من الأسماء ، وفي كلما إذا وجد فعل انحلت باعتباره وبقيت فيما سواه من الأفعال المماثلة سواء تعلقت بما تعلق به الأول أو لا . قلنا : قد اعترفتم بثبوت عموم الأسماء ضرورة ولا حاجة بنا إلى النظر إلى سببه ، إذ المقصود أنه يثبت العموم في الأفعال والأسماء فصار الحاصل كل تزوج لكل امرأة ، وفي مثله تنقسم الآحاد على الآحاد ظاهرا على ما قرروا في ركب القوم دوابهم و { جعلوا أصابعهم في آذانهم } فلزم بالضرورة أنها إذا انحلت في فعل انحلت في اسمه فلا يتكرر الحنث في امرأة واحدة ، وهذا هو الجامع بين هذه المسألة وبين ما قاس عليه من المسألتين .

ويدفع بأن [ ص: 125 ] انقسام الآحاد على الآحاد عند التساوي وهو منتف لأن دائرة عموم الأفعال أوسع لأن كثيرا من أفراده ما يتحقق بالتكرار من شخص واحد وقد فرض عمومه بكلما فلا يعتبر كل اسم بفعل واحد فقط ، والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب .




الخدمات العلمية