الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا قال لها : إذا حضت فأنت طالق فرأت الدم لم يقع الطلاق حتى يستمر بها ثلاثة أيام ) لأن ما ينقطع دونها لا يكون حيضا ( فإذا تمت ثلاثة أيام حكمنا بالطلاق من حين حاضت ) لأنه بالامتداد عرف أنه من الرحم فكان حيضا من الابتداء ( ولو قال لها : إذا حضت حيضة فأنت طالق لم تطلق حتى تطهر من حيضتها ) لأن الحيضة بالهاء هي الكاملة منها ، ولهذا حمل عليه في حديث الاستبراء وكمالها بانتهائها وذلك بالطهر [ ص: 129 ] ( وإذا قال : أنت طالق إذا صمت يوما طلقت حين تغيب الشمس في اليوم الذي تصوم ) لأن اليوم إذا قرن بفعل ممتد يراد به بياض النهار ، بخلاف ما إذا قال إذا صمت لأنه لم يقدره بمعيار وقد وجد الصوم بركنه وشرطه .

التالي السابق


( قوله فكان حيضا من الابتداء ) ويجب على المفتي أن يعين ذلك فيقول طلقت حين رأت الدم ، وتظهر ثمرة هذا الاستناد فيما إذا كانت غير مدخول بها فتزوجت حين رأت الدم أو كان المعلق بالحيض عتقا فجنى العبد أو جني عليه بعد رؤية الدم قبل أن يستمر ، فإنه إذا استمر ثلاثة أيام يصح النكاح ويعتبر في العبد جناية الأحرار ، ولا تحسب هذه الحيضة من العدة لأنها بعض حيضة لأنه حين كان الشرط رؤية الدم لزم أن يقع الطلاق بعد حيضها ( قوله ولو قال لها : إن حضت حيضة فأنت طالق لم تطلق حتى تطهر ) أي يحكم بطهرها عن هذا افترق الحال بين إن حضت حيضة فأنت طالق وإن حضت حيث لا يكون الأول بدعيا لأنه إنما يقع في الطهر بخلاف الثاني ، ثم إنما يحكم بطهرها فيقع فيما دون العشرة بالاغتسال أو ما يقوم مقامه من صيرورة الصلاة دينا في ذمتها ، وأما بالعشرة فبمجرد الانقطاع ( قوله لأن الحيضة بالهاء هي الكاملة ) عن هذا لو قال نصف حيضة كان الحكم كما في حيضة لأنه اسم للكامل وهي لا تتجزأ خلافا لزفر في قوله تطلق بحيض خمسة أيام للتيقن بالنصف . قلنا : هذا نصف أقصى مدته لا نصف الدرور ، ولو كانت حائضا لا تطلق ما لم تطهر ثم تحض . وإذا قال لطاهرة : أنت طالق إذا طهرت لم تطلق حتى تحيض وتطهر لأن اليمين يقتضي شرطا مستقبلا وهذا الحيض قد مضى بعضه وبقي بعضه ، وما مضى لم يدخل تحت اليمين والباقي تبع للماضي فلا يتناوله اليمين كما لا يتناول الماضي ، بخلاف [ ص: 129 ] قوله : أنت طالق قبل أن تحيضي حيضة بشهر حيث تطلق إذا حاضت فلا ينتظر الطهر ، والمراد بحديث الاستبراء قوله صلى الله عليه وسلم في سبايا أوطاس { ألا لا تنكح الحبالى حتى يضعن ، ولا الحيالى حتى يستبرأن بحيضة } وسنتكلم عليه في موضعه إن شاء الله تعالى ( قوله بخلاف ما إذا قال : إذا صمت لأنه لم يقدره بمعيار ) إذ لم يقل إذا صمت يوما أو شهرا فيتعلق بما يسمى صوما في الشرع وقد وجد الصوم بركته وشرطه بإمساك ساعة فيقع به وإن قطعته بعده ، وكذا إذا صمت في يوم أو شهر لأنه لم يشرط كماله ، بخلاف ما إذا قدره بمعيار كإذا صمت يوما فإنه لا يقع إلا بعد الغروب من اليوم الذي صامت فيه . ونظير إذا صمت يوما إذا صمت صوما لا يقع إلا بتمام يوم لأنه مقدر بمعيار ، وإذا صليت صلاة يقع بركعتين ، وفي إذا صليت يقع بركعة .




الخدمات العلمية