الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو قال : أنت طالق إن لم أطلقك لم تطلق حتى يموت ) لأن العدم لا يتحقق إلا باليأس عن الحياة وهو الشرط كما في قوله إن لم آت البصرة ، وموتها بمنزلة موته هو الصحيح .

التالي السابق


( قوله ولو قال : أنت طالق إن لم أطلقك لم تطلق حتى يموت ) باتفاق الفقهاء لأن الشرط أن لا يطلقها وذلك لا يتحقق إلا باليأس عن الحياة ، لأنه متى طلقها في عمره لم يصدق أنه لم يطلقها بل صدق نقيضه وهو أنه طلقها ، واليأس يكون في آخر جزء من أجزاء حياته ولم يقدره المتقدمون بل قالوا : تطلق قبيل موته ، فإن كانت مدخولا بها وورثته بحكم الفرار وإلا لا ترثه .

وقوله وهو الشرط : يعني العدم ( قوله كما في إن لم آت البصرة ) إعطاء نظير ، والمراد أن كل شرط بإن منفي حكمه كذلك وهو أن لا يقع الطلاق أو العتاق إذا علق به إلا بالموت لما ذكرنا ، وزاد قيدا حسنا في المبتغى بالغين المعجمة ، قال : إذا قال لامرأته إن لم تخبريني بكذا فأنت طالق ثلاثا فهو على الأبد إذا لم يكن ثمة ما يدل على الفور انتهى .

ومن ثمة قالوا : لو أراد أن يجامع امرأته فلم تطاوعه فقال : إن لم تدخلي البيت معي فأنت طالق فدخلت بعدما سكنت شهوته طلقت لأن مقصوده من الدخول كان قضاء الشهوة وقد فات ( قوله وموتها بمنزلة موته هو الصحيح ) احترز به عن رواية النوادر أنها لا تطلق بموتها لأنه قادر على أن يطلقها ، وإنما عجز بموتها وصار كقوله إن لم أدخل الدار فأنت طالق يقع بموته لا بموتها . وجه الظاهر أن الوجه السابق ينتظم موتها وموته ، بخلاف تلك المسألة فإن موتها يمكنه الدخول فلا يتحقق اليأس بموتها فلا يقع . أما الطلاق فإنه يتحقق اليأس منه بموتها ، وإذا حكمنا بوقوعه قبل موتها لا يرث منها الزوج لأنها بانت قبل الموت فلم يبق بينهما زوجية حال الموت ، وإنما حكمنا بالبينونة وإن كان المعلق صريحا لانتفاء العدة كغير المدخول بها لأن الفرض أن [ ص: 32 ] الوقوع في آخر جزء لا يتجزأ فلم يله إلا الموت وبه تبين .




الخدمات العلمية