الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 358 ] ( وإذا تزوج الرجل امرأة فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ يوم تزوجها لم يثبت نسبه ) لأن العلوق سابق على [ ص: 359 ] النكاح فلا يكون منه ( وإن جاءت به لستة أشهر فصاعدا يثبت نسبه منه اعترف به الزوج أو سكت ) لأن الفراش قائم والمدة تامة ( فإن جحد الولادة يثبت بشهادة امرأة واحدة تشهد بالولادة حتى لو نفاه الزوج يلاعن ) لأن النسب يثبت بالفراش القائم ، واللعان إنما يجب بالقذف وليس من ضرورته وجود الولد فإنه يصح بدونه ( فإن ولدت ثم اختلفا فقال الزوج : تزوجتك منذ أربعة وقالت هي : منذ ستة أشهر فالقول قولها وهو ابنه ) لأن الظاهر شاهد لها فإنها تلد ظاهرا من نكاح لا من سفاح [ ص: 360 ] ولم يذكر الاستحلاف وهو على الاختلاف .

التالي السابق


( قوله وإذا تزوج الرجل امرأة فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ يوم تزوجها لم يثبت نسبه ) لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر فلزم كونه من علوق قبل النكاح ، وإن جاءت به لأكثر منها ثبت ، ولا إشكال سواء اعترف به الزوج أو سكت ، وكذا إذا جاءت به لتمام الستة بلا [ ص: 359 ] زيادة لاحتمال أنه تزوجها واطئا لها فوافق الإنزال النكاح ، والنسب يحتاط في إثباته ، وهذا من المصنف خلاف ما تقدم في المبتوتة حيث نفي نسب ما أتت به لتمام سنتين مع تصحيحه بما قدمناه من كونه طلقها حال جماعها وصادف الإنزال الطلاق .

وأجيب عن المصنف بأن ثبوت النسب هنا لا هناك لحمل أمرها على الصلاح ، إذ لو لم يثبت هنا لزم كونه من زنا أو من زوج فتزوجت وهي في العدة ، وأما عدم الثبوت هناك للشك فلا يستلزم نسبة فساد إليها لجواز كون عدتها انقضت وتزوجت بزوج آخر فعلقت منه .

وحاصل هذا رفع المانع من عدم الثبوت هناك وليس بجواب أصلا ; لأن معنى السؤال وجد المقتضي وهو الإمكان بالطريق الذي ذكرناه مع وجوب الاحتياط فكان يجب أن يثبت النسب كما يثبت هنا ، وأنت علمت أن الوجه أن ثبوت النسب فيه لوجود المقتضي وهو الإمكان مع الاحتياط .

( قوله فإن جحد الولادة ) يعني فيما إذا جاءت به لستة أشهر فصاعدا ثبت بشهادة امرأة واحدة اتفاقا ، أما عندهما فظاهر ، وعنده لتأيدها بقيام الفراش ، حتى لو نفاه بعد شهادتها لاعن ولا يكون هذا اللعان لزم بشهادة الواحدة ليلزم أنه قائم مقام الحد ، والحد لا يثبت بشهادة امرأة واحدة فيجب أن لا يجب اللعان هنا ، وأيضا يلزم خطأ أبي حنيفة حيث لم يثبت بها النسب وأثبت بها اللعان ، بل اللعان إنما وجب بالقذف الثابت في ضمن نفي الولد لا بنفي الولد من حيث هو نفيه فإنه ليس من ضرورة لزومه وجود الولد أصلا فضلا عن نفيه بعد وجوده لتحققه بدونه ، وإن اتفق هنا وقوعه في ضمن النفي .

( قوله وإن ولدت ثم اختلفا ) ، فقال : تزوجتك لأربعة أشهر وقالت لستة أشهر فالقول لها لأن الظاهر شاهد لها وهو أنه ولد من نكاح لا من سفاح ولا من زوج [ ص: 360 ] تزوجت بهذا الزوج في عدته ، وهو مقدم على الظاهر الذي يشهد له وهو إضافة الحادث وهو النكاح هنا إلى أقرب الأوقات ، لأنه إذا تعارض ظاهران في ثبوت نسب قدم المثبت له لوجوب الاحتياط فيه حتى أنه يثبت بالإيماء مع القدرة على النطق بخلاف سائر التصرفات ، مع أن ظاهرها متأيد بظاهره وهو عدم مباشرته النكاح الفاسد إن كان الولد من زوج أو حبلت من زنا وإن صح على الخلاف فيه ثم لا تحرم عليه بهذا النفي ; لأنه لا يلزم منه تزوجها حاملا بثابت النسب ليكون إقرارا بالفساد كما إذا تزوجها بلا شهود لجوازه وهي حامل من زنا فإنه صحيح على الصحيح ، ولأن الشرع كذبه حيث أثبت النسب ، والشرع إذا كذب الإقرار يبطل .

( قوله ولم يذكر ) أي محمد ( الاستحلاف ) أي استحلافها وهو على الخلاف المعروف في الأشياء الستة فعندهما تستحلف وعنده لا تستحلف لأن الخلاف واقع في النكاح والنسب .




الخدمات العلمية