الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن طلق امرأته وهي حامل أو ولدت منه وقال لم أجامعها فله الرجعة ) لأن الحبل متى ظهر في مدة يتصور أن يكون منه جعل منه لقوله صلى الله عليه وسلم { الولد للفراش } وذلك دليل الوطء منه وكذا إذا ثبت نسب الولد [ ص: 171 ] منه جعل واطئا ، وإذا ثبت الوطء تأكد الملك والطلاق في ملك متأكد يعقب الرجعة ويبطل زعمه بتكذيب الشرع ، ألا ترى أنه يثبت بهذا الوطء الإحصان فلأن تثبت به الرجعة أولى . وتأويل مسألة الولادة أن تلد قبل الطلاق ، لأنها لو ولدت بعده تنقضي العدة بالولادة فلا تتصور الرجعة .

التالي السابق


( قوله ومن طلق امرأته وهي حامل أو ولدت منه ) قبل الطلاق ثم طلقها ( وقال لم أجامعها فله الرجعة لأن الحبل متى ظهر بعد العقد في مدة يتصور أن يكون منه بأن تأتي به لستة أشهر فصاعدا من يوم التزوج جعل منه شرعا لقوله صلى الله عليه وسلم : { الولد للفراش } ) وإذا جعله الشارع منه فقد أنزله واطئا وبطل زعمه في عدم الوطء المستلزم لإقراره بعدم حق الرجعة له بتكذيب الشرع [ ص: 171 ] إياه في ذلك حيث حكم بثبوت النسب فله الرجعة ما دامت في العدة ، وهذا لعدم تعلق حق أحد بسبب إقراره ذلك ، بخلاف ما لو أقر بعين في يد غيره لإنسان ثم اشتراها ثم استحقت فأخذت منه قبل أن يقضي بها للمقر له ثم وصلت إلى يده بسبب من الأسباب حيث يؤمر بتسليمها للمقر له وإن كان مكذبا شرعا بالحكم للمستحق ثم بصحة الرجوع له ، وبخلاف ما لو قال في عبد إنسان إنه حر الأصل أو أعتقه مولاه وكذبه المولى ثم اشتراه حكم بصحة الشراء وبحرية العبد مع أن الحكم بصحة الشراء فرع تكذيبه .

فالحاصل أن تكذيب الشرع إقراره بما يستلزم بطلان حق له تكذيب في اللازم فينتفيان ، وإذا انتفى عدم الوطء والرجعة ثبت وجودهما فعاد حقه في الرجعة ، بخلاف إقراره بما يثبت به حق الغير فإن تكذيب الشرع يقصره على حق نفسه فيبقى لازم المرتفع بالتكذيب كما لو لم يكذب فلذا كذب في إقراره بالحرية وثبت الحكم بها ، وفي استحقاق المقر له بالعين مع تكذيبه بالحكم للمستحق .

فإن قلت : كيف يتصور وجود الملزوم مع تخلف اللازم وإن كان لزوما شرعيا لأن تخلفه يبطل اعتبار الشرع إياه لازما وقد فرض اعتباره لازما .

فالجواب أن الامتناع في اللزوم العقلي .

أما الشرعي فقد يحكم الشرع باللزوم على تقدير فتقتصر الملازمة عليه ، وهنا كذلك فإنه حين أقر بالعين لفلان ثبت أن فلانا أحق بها من غيره ، فإذا كذبه الشرع بالقضاء به للمستحق في إقراره بأنه لفلان ثبت أنه ليس لفلان بالنسبة إلى المستحق فقط وأنه له بالنسبة إلى المقر فثبت اللزوم على هذا الوجه ( قوله ألا ترى أنه يثبت بهذا الوطء الإحصان ) أي الوطء الذي يثبت بتكذيب الشرع إياه والإحصان له مدخل في إيجاب العقوبة فلأن تثبت به الرجعة ولا مدخل لها في العقوبة أولى ( قوله وتأويل مسألة الولادة أن تلد قبل الطلاق ) أي في مدة تصلح بأن تلد لستة أشهر فصاعدا من يوم النكاح كما قدمنا




الخدمات العلمية