الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وإذا طلقها ثلاثا وهو مريض ثم صح ثم مات لم ترث ) وقال زفر رحمة الله تعالى عليه : ترث لأنه قصد الفرار حين أوقع في المرض وقد مات وهي في العدة ، ولكنا نقول : المرض إذا تعقبه برء فهو بمنزلة الصحة لأنه ينعدم به مرض الموت فتبين أنه لا حق لها يتعلق بماله فلا يصير الزوج فارا . ولو طلقها فارتدت والعياذ بالله ثم أسلمت ثم مات الزوج من مرضه وهي [ ص: 155 ] في العدة لم ترث ، وإن لم ترتد بل طاوعت ابن زوجها في الجماع ورثت . ووجه الفرق أنها بالردة أبطلت أهلية الإرث إذ المرتد لا يرث أحدا ولا بقاء له بدون الأهلية ، وبالمطاوعة ما أبطلت الأهلية لأن المحرمية لا تنافي الإرث وهو الباقي ، بخلاف ما إذا طاوعت في حال قيام النكاح لأنها تثبت الفرقة فتكون راضية ببطلان السبب ، وبعد الطلقات الثلاث لا تثبت الحرمة بالمطاوعة لتقدمها عليها فافترقا

التالي السابق


( قوله فلا يصير الزوج فارا ) يعني الفرار المستلزم للحكم الشرعي الخاص إنما يتحقق شرعا بالإبانة في حال تعلق حقها ولا يتعلق إلا في مرض موته ، وقد ظهر خلافه .

أو نقول : هو بطلاقه فار لكن الفرار إنما يؤثر في الحكم المذكور بشرط ثبوت تعلق حقها فانتفى شرط عمل العلة ( قوله ولو طلقها ) أي بائنا [ ص: 155 ] ثلاثا أو غيره في مرضه ، وهذا لأنه فرع على هذا الطلاق نفسه مسألة المطاوعة وقال إنها ترث ، ولا يتفرع إرثها عليه إلا إذا كان بائنا لأنها إذا طاوعته بعد الرجعى لا ترث كما لو طاوعته حال قيام النكاح ( قوله لم ترث ) بخلاف النفقة فإنها بالردة تسقط ثم بالإسلام تعود لأنها معتدته ( قوله لأن المحرمية لا تنافي الإرث وهو الباقي ) بعد ذلك الطلاق ولم يوجد ما يزيله لأن المحرمية لا تنافي الإرث بل تثبت معه كما في الأم والبنت فإنما تنافي النكاح خاصة فيبقى الإرث لعدم المزيل فمرجع ضمير وهو الباقي الإرث ( قوله في حال قيام النكاح ) أي حالة المرض ( قوله فتكون راضية ببطلان السبب ) وهو النكاح وذلك رضا ببطلان المسبب ( قوله لتقدمها عليها ) أي لتقدم الحرمة على المطاوعة لحصولها بالطلاق السابق عليها .




الخدمات العلمية