الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإذا مضت مدة لم ينفق الزوج عليها وطالبته بذلك فلا شيء لها إلا أن يكون القاضي فرض لها النفقة لو صالحت الزوج على مقدار فيها فيقضي لها بنفقة ما مضى ) لأن النفقة صلة وليست بعوض عندنا على ما مر من قبل فلا يستحكم الوجوب فيها إلا بالقضاء كالهبة لا توجب الملك إلا بمؤكد وهو القبض والصلح بمنزلة القضاء لأن ولايته على نفسه أقوى من ولاية القاضي ، بخلاف المهر لأنه عوض .

التالي السابق


( قوله لم ينفق عليها ) بأن غاب عنها أو كان حاضرا وامتنع . والحاصل أن نفقتها لا تثبت دينا في ذمته إلا بقضاء القاضي بفرض أو اصطلاحهما على مقدار فإنه يثبت ذلك المقدار في ذمته دينا إذا لم يعطها وهو رواية عن أحمد . وفي رواية أخرى وهو قول مالك والشافعي تصير دينا عليه إلا إن كانت أكلت معه بعد الفرض فإنها تسقط بالمضي عند مالك والشافعي في الأصح .

( قوله لأنها صلة ) أي من وجه ( قوله وليست بعوض ) أي من كل وجه بل هي عوض من وجه دون وجه وذلك لأنها جزاء الاحتباس ، فمن حيث إنه احتباس لاستيفاء حقه من الاستمتاع وقضاء الشهوة وإصلاح أمر المعيشة والاستئناس هي عوض ، ومن هذا الوجه وجبت على المكاتب ، ومن حيث إنه لإقامة حق الشرع وأمور مشتركة كإعفاف كل الآخر وتحصينه عن المفاسد وحفظ النسب وتحصيل الولد ليقيم التكاليف الشرعية هي صلة كرزق القاضي والمفتي فلا تملك إلا بالقبض فلاعتبار أنها عوض قلنا تثبت إذا قضى بها أو اصطلحا لأن ولايته على نفسه أعلى من ولاية القاضي عليه ، ولاعتبار أنها صلة قلنا تسقط إذا مضت المدة من غير قضاء ولا اصطلاح عملا بالدليلين بقدر الإمكان . وذكر في الغاية معزوا إلى الذخيرة أن نفقة ما دون الشهر لا تسقط ، فكأنه جعل القليل مما لا يمكن الاحتراز عنه ، إذ لو سقطت بمضي يسير من الزمان لما تمكنت من الأخذ أصلا وهذا حق وقد تقدم الوجه .

وقوله في الكتاب فلا يستحكم الوجوب فيها إلا بالقضاء على ما حملنا كلامه فيه من إثبات أنه صلة من وجه مترتب على ترددها بين الصلة المحضة والعوض المحض ، ولو اختلفا فيما مضى من المدة من وقت القضاء القول قول الزوج والبينة بينة المرأة ، ومن ادعى على امرأة نكاحا وهي تجحد فأقام البينة لا نفقة لها ، وكذا إذا كان الزوج هو المنكر ولقائل أن يقول ينبغي أن تجب لأنها صارت مكذبة شرعا وكذا الزوج وإلا فلا يخفى ما فيه من الإضرار وفتح باب [ ص: 394 ] الفساد خصوصا عند اضطرارها للنفقة مع حبسها .




الخدمات العلمية