الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإذا ملك نصابا شهرا ثم ملك آخر لا يتغير به الفرض ، مثل أن ملك أربعين شاة في المحرم وأربعين في صفر ، فعليه زكاة الأولى عند تمام حوله ، ولا شيء عليه في الثاني ، في أحد الوجهين ) صححه في التصحيح ، وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاويين ، والفائق ، وهذا الوجه وجه الضم ، وفي الآخر : عليه للثاني زكاة خلطة كالأجنبي في التي قبلها ، قال المجد في شرحه : وهو أصح على ما يأتي في التفريع وأطلقهما في الشرح [ ص: 78 ] وقيل : يلزمه شاة ، ذكره أبو الخطاب ، وأطلقهما في الفائق ، وضعفه المصنف ، والمجد ، والشارح ، وهو وجه الانفراد ، وأطلقهن في المستوعب ، والتلخيص ، والبلغة ، وابن تميم ، والفروع ، والقواعد الفقهية .

وقال في أول الفائدة الثالثة : إذا استفاد مالا زكويا من جنس النصاب في أثناء الحول ، فإنه ينفرد بحول عندنا ، ولكن هل يضمه إلى النصاب في العدد أو يخلطه به ويزكيه زكاة خلطة ، أو يفرده بالزكاة كما أفرده بالحول ؟ فيه ثلاثة أوجه ، وصحح المجد في شرحه الوجه الثالث ، وزعم المجد : أن المصنف ضعفه ، وإنما ضعف الثالث ، فعلى الوجه الأول : هل الزيادة كنصاب منفرد ؟ وهو قول أبي الخطاب في انتصاره ، والمجد أو الكل نصاب واحد ؟ وهو ظاهر كلام القاضي ، وابن عقيل ، والمصنف في المغني ، والشارح ، قال في الفوائد : وهو الأظهر ، فيه وجهان ، فعلى الثاني : إذا تم حول المستفاد : وجب إخراج بقية المجموع بكل حال ، وعلى الأول : إذا تم حول المستفاد : وجب فيه ما بقي من فرض الجميع ، بعد إسقاط ما أخرج عن الأول منه ، إلا أن يزيد بقية الفرض على فرض المستفاد بانفراده ، أو نقص عنه ، أو يكون من غير جنس الأول ، فإنه يتعذر هنا وجه الضم ، ويتعين وجه الخلطة ، ويلغو وجه الانفراد ، صرح بذلك المجد في شرحه ، والتفاريع الآتية بعد ذلك مبنية على هذه الأوجه الثلاثة .

فائدتان . إحداهما : لو ملك أربعين شاة أخرى في ربيع الأول ، في مسألتنا ، فعلى الوجه الأول : لا شيء عليه سوى الشاة الأولى ، وعلى الثاني : عليه زكاة خلطة ثلث شاة [ لأنها ثلث الجميع ، وعلى الثالث : عليه شاة ، وفيها بعد الحول الأول ، في كل ثلث شاة ] لتمام حولها على الثالث أيضا الثانية : لو ملك خمسة أبعرة ، بعد خمسة وعشرين ، فعلى الأول : لا شيء [ ص: 79 ] عليه سوى بنت مخاض الأولى ، وعلى الثاني : عليه سدس بنت مخاض ، وعلى الثالث : عليه شاة ، وفيما بعد الحول الأول في الأولى خمسة أسداس بنت مخاض ; لتمام حولها ، وسدس على الخمس الباقية لتمام حولها ، ولو ملك مع ذلك ستا في ربيع الأول ، ففي الخمسة والعشرين الأولى : بنت مخاض ، وفي الأخرى : عشرة لتمام حولها ، ربع بنت لبون ونصف تسعها ، وعلى الثاني : في الخمس لتمام حولها سدس بنت مخاض ، وفي الست لتمام حولها سدس بنت لبون ، وعلى الثالث : لكل من الخمس والست شاة لتمام حولها .

قوله ( وإن كان الثاني يتغير به الفرض ) ، مثل أن يكون مائة شاة ، فعليه زكاته إذا تم حولها ، وجها واحدا ، وهو المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره ، وقيل : يلزمه للثاني شاة ، وثلاثة أسباع شاة ; لأن في الكل شاتين ، والمائة خمسة أسباع الكل ، وهذا القول مبني على القول الثاني في المسألة التي قبلها من أصل المصنف ، وهو أن عليه زكاة خلطة ، وقال ابن تميم : قال بعض أصحابنا : إن كان الثاني يبلغ نصابا ، وجبت فيه زكاة انفراد في وجه ، وخلطة في وجه ، ولا يضم إلى الأول فيما يجب فيها وجها واحدا ، إذا كان الضم يوجب تغير الزكاة أو نوعها ، مثل : أن ملك ثلاثين من البقر بعد خمسين ، فيجب إما تبيع ، أو ثلاثة أرباع مسنة ، ولا تجب المسنة على الوجه الأول في التي قبلها ، بل يجب ضم الثاني إلى الأول ، ويخرج إذا حال الحول الثاني ما بقي من زكاة الجميع ، فتجب هنا المسنة ، قال ابن تميم : وهذا أحسن .

فائدة : لو ملك مائة أخرى في ربيع ، ففيها شاة ، وعلى الوجه الثاني وهو [ ص: 80 ] وجه الخلطة عليه شاة وربع شاة ; لأن في الكل ثلاث شياه ، والمائة ربع الكل وسدسه ، فحصتها من فرضه : ربعه وسدسه .

التالي السابق


الخدمات العلمية