الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن اشترى أرضا أو نخلا للتجارة ، فأثمر النخل وزرعت الأرض ، فعليه العشر ، ويزكي الأصل للتجارة ) . يعني إذا اتفق حولاهما ، وهذا أحد الوجهين ، اختاره المصنف ، والشارح ، وذكر ابن منجى في شرحه : أن جده أبا المعالي ذكر في شرح الهداية : أنه اختيار القاضي ، وابن عقيل . قلت : جزم به القاضي في الجامع الصغير ، وقال القاضي : يزكي الجميع زكاة القيمة ، وهذا المذهب ، نص عليه ، وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز ، وجزم به في المنور ، والمنتخب ، وصححه في البلغة ، وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، والتلخيص ، والمحرر ، وابن تميم ، والرعايتين ، والحاويين ، والفروع ، والفائق ، وتجريد العناية . قال المصنف والشارح وغيرهما : اختاره القاضي ، وأصحابه . قال المجد في شرحه : هذا المنصوص عن أحمد ، ونصره . قوله ( ولا عشر عليه ، إلا أن يسبق وجوب العشر حول التجارة فيخرجه ) . اعلم أنه تارة يتفق حول التجارة والعشر في الوجوب ، بأن يكون بدو الصلاح في الثمرة واشتداد الحب عند تمام الحول ، وكانت قيمة الأصل تبلغ نصاب التجارة ، فهذه مسألة المصنف المتقدمة التي فيها الخلاف ، وتارة يختلفان في وقت الوجوب ، مثل أن يسبق وجوب العشر حول التجارة ، أو عكسه ، أو يتفقان ، ولكن أحدهما دون نصاب ، فالصحيح من المذهب : أن حكم السبق هنا حكم ما لو ملك نصاب سائمة للتجارة ، وسبق حول [ ص: 160 ] أحدهما على الآخر ، وحكم تقديم ما كمل نصابه هنا حكم ما لو وجد نصاب أحدهما كما تقدم قريبا ، جزم به المجد ، وصاحب الفروع وغيرهما ، فقالا : وإن اختلف وقت الوجوب ، أو وجد نصاب أحدهما فكمسألة سائمة التجارة التي قبلها في تقديم الأسبق ، وتقديم ما تم نصابه . انتهيا . وقيل : يزكي عشر الزرع والثمر إذا سبق وجوبه ، جزم به في الرعايتين ، والحاويين والوجيز ، والفائق . قال ابن منجى في شرحه : فلو سبق نصاب العشر وجب العشر وجها واحدا ، وهو ظاهر ما جزم به المصنف هنا .

قلت : الذي يظهر : أنه لا تنافي بين القولين ، وأن هذه المسألة كمسألة السائمة التي للتجار ، وقطع هؤلاء الجماعة بناء منهم على أحد الوجهين في مسألة السائمة التي للتجارة .

تنبيهان . أحدهما : حيث أخرج العشر فإنه لا يلزمه سوى زكاة الأصل ، وحيث أخرج عن الأصل والثمرة والزرع زكاة القيمة فإنه لا يلزمه عشر للزرع والثمرة . لا أعلم فيه خلافا بين الأصحاب ، وظاهر كلام المصنف : أنه إذا سبق وجوب العشر حول التجارة : أن عليه العشر مع إخراجه عن الجميع زكاة القيمة . ولا قائل به ، ولذلك قال ابن منجى في شرحه : ينبغي أن يعود الاستثناء إلى الخلاف المذكور في المسألة إلى الخلاف في اعتبار القيمة في الكل ، أو في الأصل دون النماء إذا اتفق وجوب العشر وزكاة التجارة . الثاني : فعلى ما قدمه المصنف : يستأنف حول التجارة على زرع وثمر من الحصاد والجداد ; لأن به ينتهي وجوب العشر الذي لولاه لكانا جاريين في حول التجار . وهذا الصحيح ، قدمه المجد في شرحه ، وصاحب الفروع ، وقيل : لا يستأنف عليهما الحول حتى يباعا ، فيستقبل بثمنهما الحول كمال القنية ، وهو تخريج في شرح المجد ، وجزم ابن تميم أنه يخرج على مال القنية .

التالي السابق


الخدمات العلمية