الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تنبيه : ظاهر قوله ( أحدها : الإبل ، فلا زكاة فيها حتى تبلغ خمسا فتجب فيها شاة ) .

أن القيمة لا تجزئ ، وهو صحيح ، وهو المذهب ، وعليه أكثر الأصحاب ، وقال أبو بكر : تجزئه عشرة دراهم ; لأنها بدل شاة الجبران ، أطلقه بعض الأصحاب وذكر بعضهم : لا تجزئه مع وجود الشاة ، وإلا فوجهان منهم ابن تميم ، وابن حمدان .

فائدة : يشترط في الشاة المخرجة عن الإبل : أن تكون بصفتها ، ففي كرام سمان كريمة سمينة ، والعكس بالعكس ، وإن كانت الإبل معيبة ، فقيل : يخرج شاة [ ص: 49 ] كشاة الصحاح ; لأن الواجب من غير جنس المال ، فلم يؤثر فيها عيبه كشاة الفدية والأضحية ، وقيل : تجزئه شاة صحيحة قيمتها على قدر [ قيمة ] المال تنقص قيمتها على قدر نقص الإبل كالمخرجة عن الغنم . قلت : وهو الصواب للمواساة [ ثم رأيت المصنف في المغني قدمه ، وكذلك الشارح ، وابن رزين في شرحه وهو ظاهر ما قدمه في الرعاية الكبرى ] ، وعليها لا يجزئه شاة معيبة ; لأن الواجب ليس من جنس المال ، وقيل : تجزئه شاة تجزئ في الأضحية ، ذكره القاضي ، وأطلقهن في الفروع والمجد في شرحه .

قوله { فإن أخرج بعيرا لم يجزئه } هذا المذهب المنصوص عن الإمام أحمد ، وعليه جمهور أصحابه ، وقيل : يجزئه إن كانت قيمته قيمة شاة وسط فأكثر ، بناء على إخراج القيمة ، وقيل : يجزئه إن أجزأ عن خمس وعشرين . وإلا فلا ، فعلى القول بالإجزاء : هل الواجب كله أو خمسه ؟ حكى القاضي أبو يعلى الصغير وجهين ، فعلى الثاني : يجزئ عن العشرين بعيرا ، وعلى الأول : لا يجزئ عنها إلا أربعة أبعرة ، قلت : الأولى أن الواجب كله ، وأنه يجزئ عن العشرين [ بعيرا ] على الأول أيضا ، قال في القواعد الأصولية ، قلت : وينبني عليها لو اقتضى الحال الرجوع ، فهل يرجع بكله أو خمسه ؟ فإن قلنا : الجميع واجب رجع . وإن قلنا : الواجب الخمس ، والزائد تطوع رجع بالواجب لا التطوع ومما ينبغي أن ينبني عليه أيضا : النية ، فإن جعلنا الجميع فرضا نوى الجميع فرضا لزوما ، وإن قلنا الواجب الخمس كفاه الاقتصار عليه في النية . انتهى . [ ص: 50 ] ويأتي نظير ذلك في أواخر باب الفدية عند قوله " وكل دم ذكرناه يجزئ فيه شاة أو سبع بدنة " وفي الهدي والأضاحي ، عند قوله " إذا نذر هديا مطلقا " .

فوائد : منها : لو أخرج بقرة لم تجزه ، قولا واحدا ، وإن أخرج نصفي شاتين لم يجزه أيضا على الصحيح من المذهب وقيل : يجزئ ، ومنها : قوله في بنت المخاض { فإن عدمها أجزأه ابن لبون } العدم إما لكونها ليست في ماله ، أو كانت في ماله ولكنها معيبة .

تنبيه : ظاهر قوله { فإن عدمها أجزأه ابن لبون } أن خنثى ابن لبون لا يجزئ ، وهو أحد القولين ، وهو ظاهر كلام جماعة والصحيح من المذهب : الإجزاء ، جزم به في الفائق وغيره ، قال في الفروع : وهو الأشهر ، قال في الرعاية : ويجزئ الخنثى المشكل في الأقيس . قال في تجريد العناية : هذا الأظهر ، ومنها : يجوز إخراج الحقة والجذعة والثني عن بنت المخاض إذا عدمها ، على المذهب بل هي أولى لزيادة السن ، ولو وجد ابن لبون ، وأما بنت اللبون : فجزم المجد في شرحه ، وابن تميم ، وابن حمدان : بالجواز ، مع وجود ابن لبون ، وله جيران ، وهو ظاهر كلام غيرهم على ما يأتي ، وقال في الفروع : وفي بنت لبون وجهان ; لاستغنائه بابن اللبون عن الجيران ، وجزم صاحب المحرر بالجواز ; لأن الشارع لم يشترط لأحدهما عدم الإجزاء . انتهى . ومنها : لو كان في ماله بنت مخاض أعلى من الواجب لم يجزئه ابن لبون جزم به الأصحاب ، لكن لا يلزمه إخراجها على الصحيح من المذهب بل يخير بين إخراجها وبين شراء بنت مخاض لصفة الواجب ، قال في الفروع : هذا الأشهر ، وجزم به المجد في شرحه ، وقيل : يلزمه إخراجها ، وأطلقهما ابن تميم ، ومنها : لا يجبر فقد الأنوثية بزيادة السن في ماله غير بنت مخاض ، على [ ص: 51 ] الصحيح من المذهب ، فلا يخرج عن بنت لبون حقا إذا لم تكن في ماله ، ولا عن الحق جذعا ، قاله القاضي ، وابن عقيل ، وقدمه في المغني والشرح ، وشرح ابن رزين ، ونصره المجد في شرحه ، وابن تميم ، قال في الفائق : لا يجبر نقص الذكورية بزيادة سن ، في أصح الوجهين ، وقيل : يجبر ، ذكر ابن عقيل في موضع من الفصول جواز الجذع عن الحقة ، وعن بنت لبون [ قال في المغني والشرح : اختاره القاضي وابن عقيل ] وأطلقهما في الفروع والرعاية .

قوله ( فإن عدمه أيضا : لزمه بنت مخاض ) هذا المذهب ، وعليه الأصحاب ; لقوله في خبر أبي بكر الصحيح { فمن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها وعنده ابن لبون ، فإنه يقبل منه } ذكره ابن حامد وتبعه الأصحاب ، قاله في الفروع ، وقيل : يجزئه ابن لبون إذا حصله ، اختاره أبو المعالي ، قال في تجريد العناية : فإن عدم ابن لبون حصل أصلا ، لا بدلا ، في الأظهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية