الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثانية : تعلق الزكاة بالعين مانع من وجوب الزكاة في الحول الثاني وما بعده بلا نزاع ، وليس بمانع من انعقاد الحول الثاني ابتداء ، وهو قول القاضي في المجرد ، وابن عقيل ، ونقل المجد الاتفاق عليه ، وهو ظاهر ما ذكره الخلال في الجامع . وأورد عن أحمد من رواية حنبل ما يشهد له ، وقيل : إنه مانع من انعقاد الحول الثاني ابتداء ، وهو قول القاضي في شرح المذهب ، والمصنف في المغني . وأطلقهما في القواعد ، ويأتي معنى ذلك في الخلطة إذا باع بعض النصاب . الثالثة : إذا قلنا : تجب الزكاة في العين ، فقال في الرعايتين ، والحاوي الصغير : يتعلق به كتعلق أرش جناية الرقيق برقبته ، فلزمه إخراج زكاته من غيره ، والتصرف فيه ببيع غيره ، بلا إذن الساعي ، كل النماء له ، وإن أتلفه لزمه قيمة الزكاة دون جنسه ، حيوانا كان النصاب أو غيره ، ولو تصدق بكله بعد وجوب الزكاة ولم ينوها ، لم يجزه ، وإذا كان كله ملكا لربه لم ينقص بتعلق الزكاة ، بل يكون دينا يمنع الزكاة كدين آدمي ، أو لا يمنع لعدم رجحانها على زكاة غيرها ، بخلاف دين الآدمي .

وقيل : بل يتعلق به كتعلق الدين بالرهن ، وبمال من حجر عليه لفلسه ، فلا يصح تصرفه فيه قبل وفائه أو إذن ربه ، وقيل : بل كتعلقه بالتركة ، قال : وهو أقيس ، قال في القاعدة الخامسة والثمانين : تعلق الزكاة بالنصاب ، هل هو تعلق شركة أو ارتهان ، أو تعلق استيفاء [ ص: 39 ] كالجناية ؟ اضطرب كلام الأصحاب اضطرابا كثيرا ، ويحصل منه ثلاثة أوجه . أحدها : أنه تعلق شركة ، وصرح به القاضي في موضع من شرح المذهب ، وظاهر كلام أبي بكر يدل عليه ، وقد بينه في موضع آخر ، والثاني : تعلق استيفاء . وصرح به غير واحد ، منهم القاضي ثم منهم من يشبهه بتعلق الجناية ، ومنهم من يشبهه بتعلق الدين بالتركة ، والثالث : أنه تعلق رهن ، وينكشف هذا النزاع بتحرير مسائل ، منها : أن الحق هل يتعلق بجميع النصاب ، أو بمقدار الزكاة فيه غير معين ؟ ونقل القاضي وابن عقيل الاتفاق على الثاني ، ومنها : أنه مع التعلق بالمال ، هل يكون ثابتا في ذمة المالك أم لا ؟ ظاهر كلام الأكثر : أنه على القول بالتعلق بالعين لا يثبت في الذمة شيء ، إلا أن يتلف المال ، أو يتصرف فيه المالك بعد الحول ، وظاهر كلام أبي الخطاب والمجد في شرحه إذا قلنا الزكاة في الذمة يتعلق بالعين تعلق استيفاء محض كتعلق الديون بالتركة ، واختاره الشيخ تقي الدين ، وهو حسن ، ومنها : منع التصرف ، والمذهب لا يمنع . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية