الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا كفارة عليه إلا لترك نذره ) . اعلم أن الصحيح من المذهب : أنه لا تجب الكفارة بالوطء في الاعتكاف مطلقا . نقله أبو داود ، وهو ظاهر نقل ابن إبراهيم . قال المصنف ، والشارح ، [ ص: 381 ] وصاحب الفروع : هذا ظاهر المذهب . قال في الكافي . وابن منجى في شرحه : هذا المذهب . قال في الفائق : ولا كفارة عليه للوطء في أصح الروايتين . قال المجد في شرحه : وهو الصحيح ، واختاره المصنف وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره ، وجزم به في المحرر وغيره ، وهو ظاهر ما جزم به في الوجيز ، واختار القاضي وأصحابه وجوب الكفارة ، إن كان نذرا كرمضان والحج ، وهو من المفردات . قال في المستوعب : هذا أصح الروايات ، وقدمه في الخلاصة والرعايتين ، والحاويين وغيرهم .

تنبيهات . الأول : قوله " إلا لترك نذره " يعني إنما تجب الكفارة لترك النذر لا للوطء ، مثل أن يطأ في وقت عين اعتكافه بالنذر . الثاني : خص جماعة من الأصحاب وجوب الكفارة بالوطء بالاعتكاف المنذور لا غير . منهم القاضي ، وأبو الخطاب ، وغيرهما ، واختاره المجد وغيره ، وقال ابن عقيل في الفصول : يجب في التطوع ، في أصح الروايتين . قال المجد في شرحه : لا وجه له . قال : ولم يذكرها القاضي ، ولا وقفت على لفظ يدل عليها عن أحمد ، وهي المستوعب ، فهذه ثلاث روايات .

الثالث : حيث أوجبنا عليه الكفارة بالوطء ، فقال أبو بكر في التنبيه : عليه كفارة يمين ، وحكى ذلك رواية عن أحمد ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته ، وجزم به في الإفادات ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، والزركشي ، والخلاصة . قال في الفروع : ومراد أبي بكر : ما اختاره صاحب المغني ، والمحرر ، والمستوعب ، وغيرهم : أنه أفسد المنذور بالوطء . وهو كما لو أفسده بالخروج لما له منه بد على ما سبق ، وهذا معنى كلام القاضي في الجامع الصغير ، وذكر بعض الأصحاب أنه : قال إن هذا الخلاف في نذر . وقيل : معين [ ص: 382 ] وقدمه في الرعايتين ، والحاويين ، وجزم به في الإفادات ، وتجريد العناية ، والمنور ، فلهذا قيل : يجب الكفارتان ، كفارة الظهار ، وكفارة اليمين ، وحكى القول بذلك في الحاوي وغيره ، وقال القاضي في الخلاف : عليه بالوطء كفارة الظهار ، وقدمه في النظم ، والفائق ، والرعاية الصغرى ، والحاويين ، واختار في الكبرى وجوبها ، ككفارة رمضان . قال أبو الخطاب في الهداية : وهو ظاهر كلام أحمد في رواية حنبل ، وتأولها المجد ، وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب ، والشرح ، والمذهب الأحمد ، وهما روايتان عند الشيرازي .

التالي السابق


الخدمات العلمية