الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قنع ) ( هـ ) فيه : كان إذا ركع لا يصوب رأسه ولا يقنعه أي : لا يرفعه حتى يكون أعلى من ظهره ، وقد أقنعه يقنعه إقناعا .

                                                          [ ص: 114 ] ( هـ ) ومنه حديث الدعاء : " وتقنع يديك " أي : ترفعهما .

                                                          ( هـ ) وفيه : لا تجوز شهادة القانع من أهل البيت [ لهم ] القانع : الخادم والتابع ترد شهادته للتهمة بجلب النفع إلى نفسه ، والقانع في الأصل : السائل .

                                                          ومنه الحديث : " فأكل وأطعم القانع والمعتر " وهو من القنوع : الرضا باليسير من العطاء ، وقد قنع يقنع قنوعا وقناعة - بالكسر - إذا رضي ، وقنع - بالفتح - يقنع قنوعا : إذا سأل .

                                                          ومنه الحديث : " القناعة كنز لا ينفد " لأن الإنفاق منها لا ينقطع ، كلما تعذر عليه شيء من أمور الدنيا قنع بما دونه ورضي .

                                                          ومنه الحديث الآخر : " عز من قنع وذل من طمع " لأن القانع لا يذله الطلب ، فلا يزال عزيزا .

                                                          وقد تكرر ذكر : " القنوع ، والقناعة " في الحديث .

                                                          ( س ) وفيه : كان المقانع من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون كذا المقانع : جمع مقنع بوزن جعفر . يقال : فلان مقنع في العلم وغيره ؛ أي : رضا ، وبعضهم لا يثنيه ولا يجمعه لأنه مصدر ، ومن ثنى وجمع نظر إلى الاسمية .

                                                          وفيه : أتاه رجل مقنع بالحديد هو المتغطي بالسلاح ، وقيل : هو الذي على رأسه بيضة ، وهي الخوذة ؛ لأن الرأس موضع القناع .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : " أنه زار قبر أمه في ألف مقنع " أي : في ألف فارس مغطى بالسلاح .

                                                          ( س ) وفي حديث بدر : " فانكشف قناع قلبه فمات " قناع القلب : غشاؤه ، تشبيها بقناع المرأة ، وهو أكبر من المقنعة .

                                                          ( س ) ومنه حديث عمر : " أنه رأى جارية عليها قناع فضربها بالدرة وقال : أتشبهين بالحرائر ؟ " وقد كان يومئذ من لبسهن .

                                                          [ ص: 115 ] ( هـ ) وفي حديث الربيع بنت معوذ : " قالت : أتيته بقناع من رطب " القناع : الطبق الذي يؤكل عليه ، ويقال له : القنع ( بالكسر والضم ) وقيل : القناع جمعه .

                                                          ومنه حديث عائشة : " إن كان ليهدى لنا القناع فيه كعب من إهالة فنفرح به " .

                                                          ( س ) وفي حديث عائشة ، أخذت أبا بكر غشية عند الموت فقالت :


                                                          من لا يزال دمعه مقنعا لا بد يوما أن يهراقا

                                                          *هكذا ورد ، وتصحيحه :


                                                          من لا يزال دمعه مقنعا     لا بد يوما أنه يهراق

                                                          * وهو من الضرب الثاني من بحر الرجز .

                                                          ورواه بعضهم :


                                                          ومن لا يزال الدمع فيه مقنعا     فلا بد يوما أنه مهراق

                                                          * وهو من الضرب الثالث من الطويل ، فسروا المقنع بأنه المحبوس في جوفه .

                                                          ويجوز أن يراد : من كان دمعه مغطى في شئونه كامنا فيها ، فلا بد أن يبرزه البكاء .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الأذان : " أنه اهتم للصلاة ، كيف يجمع لها الناس ، فذكر له القنع فلم يعجبه ذلك " . فسر في الحديث أنه الشبور ، وهو البوق .

                                                          هذه اللفظة قد اختلف في ضبطها ، فرويت بالباء والتاء ، والثاء والنون ، وأشهرها وأكثرها النون .

                                                          قال الخطابي : سألت عنه غير واحد من أهل اللغة فلم يثبتوه لي على شيء واحد ، فإن كانت الرواية بالنون صحيحة فلا أراه سمي إلا لإقناع الصوت به ، وهو رفعه . يقال : أقنع الرجل صوته ورأسه إذا رفعه . ومن يريد أن ينفخ في البوق يرفع رأسه وصوته .

                                                          [ ص: 116 ] قال الزمخشري : " أو لأن أطرافه أقنعت إلى داخله ؛ أي : عطفت " .

                                                          وقال الخطابي : وأما : " القبع " - بالباء المفتوحة - فلا أحسبه سمي به إلا لأنه يقبع فم صاحبه ؛ أي : يستره ، أو من قبعت الجوالق والجراب : إذا ثنيت أطرافه إلى داخل .

                                                          قال الهروي : وحكاه بعض أهل العلم عن أبي عمر الزاهد : " القثع " - بالثاء - قال : وهو البوق فعرضته على الأزهري فقال : هذا باطل .

                                                          وقال الخطابي : سمعت أبا عمر الزاهد يقوله بالثاء المثلثة ، ولم أسمعه من غيره . ويجوز أن يكون من : قثع في الأرض قثوعا إذا ذهب ، فسمي به لذهاب الصوت منه .

                                                          قال الخطابي : وقد روي : " القتع " بتاء بنقطتين من فوق ، وهو دود يكون في الخشب ، الواحدة : قتعة ، قال : ومدار هذا الحرف على هشيم ، وكان كثير اللحن والتحريف ، على جلالة محله في الحديث .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية