الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( كبر ) في أسماء الله تعالى : " المتكبر والكبير " أي : العظيم ذو الكبرياء .

                                                          وقيل : المتعالي عن صفات الخلق .

                                                          [ ص: 140 ] وقيل : المتكبر على عتاة خلقه .

                                                          والتاء فيه للتفرد والتخصص لا تاء التعاطي والتكلف .

                                                          والكبرياء : العظمة والملك ، وقيل : هي عبارة عن كمال الذات وكمال الوجود ، ولا يوصف بها إلا الله تعالى .

                                                          وقد تكرر ذكرهما في الحديث ، وهما من الكبر - بالكسر - وهو العظمة ، ويقال : كبر - بالضم - يكبر ؛ أي : عظم ، فهو كبير .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الأذان : " الله أكبر " معناه الله الكبير ، فوضع أفعل موضع فعيل ، كقول الفرزدق :


                                                          إن الذي سمك السماء بنى لنا بيتا دعائمه أعز وأطول

                                                          * أي : عزيزة طويلة .

                                                          وقيل : معناه : الله أكبر من كل شيء ؛ أي : أعظم ، فحذفت : " من " لوضوح معناها : " وأكبر " خبر ، والأخبار لا ينكر حذفها ، ( وكذلك ما يتعلق بها ) .

                                                          وقيل : معناه : الله أكبر من أن يعرف كنه كبريائه وعظمته ، وإنما قدر له ذلك وأول ؛ لأن أفعل فعلى يلزمه الألف واللام ، أو الإضافة كالأكبر وأكبر القوم .

                                                          وراء : " أكبر " في الأذان والصلاة ساكنة ، لا تضم للوقف ، فإذا وصل بكلام ضم .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : كان إذا افتتح الصلاة قال : الله أكبر كبيرا " كبيرا منصوب بإضمار فعل ، كأنه قال : أكبر كبيرا .

                                                          [ ص: 141 ] وقيل : هو منصوب على القطع من اسم الله تعالى .

                                                          * ومنه الحديث : " يوم الحج الأكبر " قيل : هو يوم النحر ، وقيل : يوم عرفة ، وإنما سمي الحج الأكبر ؛ لأنهم كانوا يسمون العمرة الحج الأصغر .

                                                          ( هـ ) وفي حديث أبي هريرة : " سجد أحد الأكبرين في : إذا السماء انشقت أراد أحد الشيخين : أبا بكر ، وعمر .

                                                          ( س ) وفيه : أن رجلا مات ولم يكن له وارث ، فقال : ادفعوا ماله إلى أكبر خزاعة أي : كبيرهم ، وهو أقربهم إلى الجد الأعلى .

                                                          ( س ) وفيه : الولاء للكبر أي : أكبر ذرية الرجل ، مثل أن يموت الرجل عن ابنين فيرثان الولاء ، ثم يموت أحد الابنين عن أولاد ، فلا يرثون نصيب أبيهم من الولاء ، وإنما يكون لعمهم ، وهو الابن الآخر .

                                                          يقال : فلان كبر قومه - بالضم - ، إذا كان أقعدهم في النسب ، وهو أن ينتسب إلى جده الأكبر بآباء أقل عددا من باقي عشيرته .

                                                          ( س ) ومنه حديث العباس : " أنه كان كبر قومه " ؛ لأنه لم يبق من بني هاشم أقرب منه إليه في حياته .

                                                          ومنه حديث القسامة : " الكبر الكبر " أي : ليبدأ الأكبر بالكلام ، أو قدموا الأكبر ؛ إرشادا إلى الأدب في تقديم الأسن .

                                                          ويروى : " كبر الكبر " أي : قدم الأكبر .

                                                          وفي حديث الدفن : " ويجعل الأكبر مما يلي القبلة " أي : الأفضل ، فإن استووا فالأسن ، وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( هـ ) وفي حديث ابن الزبير وهدمه الكعبة : " فلما أبرز عن ربضه دعا بكبره فنظروا إليه " [ ص: 142 ] أي : بمشايخه وكبرائه ، والكبر ها هنا : جمع الأكبر ، كأحمر وحمر .

                                                          وفي حديث مازن : " بعث نبي من مضر يدعو بدين الله الكبر " الكبر جمع الكبرى .

                                                          * ومنه قوله تعالى : إنها لإحدى الكبر وفي الكلام مضاف محذوف تقديره : بشرائع دين الله الكبر .

                                                          * وفي حديث الأقرع والأبرص : ورثته كابرا عن كابر أي : ورثته عن آبائي وأجدادي ، كبيرا عن كبير ، في العز والشرف .

                                                          ( هـ ) وفيه : لا تكابروا الصلاة بمثلها من التسبيح في مقام واحد كأنه أراد لا تغالبوها ؛ أي : خففوا في التسبيح بعد التسليم .

                                                          وقيل : لا يكن التسبيح الذي في الصلاة أكثر منها ، ولتكن الصلاة زائدة عليه .

                                                          وفيه ذكر : " الكبائر " في غير موضع من الحديث ، واحدتها : كبيرة ، وهي الفعلة القبيحة من الذنوب المنهي عنها شرعا ، العظيم أمرها ، كالقتل والزنا والفرار من الزحف وغير ذلك ، وهي من الصفات الغالبة .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الإفك : " و ( هو ) الذي تولى كبره " أي : معظمه .

                                                          وقيل : الكبر : الإثم ، وهو من الكبيرة ، كالخطء من الخطيئة .

                                                          وفيه أيضا : " أن حسان كان ممن كبر عليها " .

                                                          ومنه حديث عذاب القبر : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أي : ليس في أمر كان يكبر عليهما ويشق فعله لو أراداه ، لا أنه في نفسه غير كبير ، وكيف لا يكون كبيرا وهما يعذبان فيه ؟ ( س ) وفيه : لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر [ ص: 143 ] يعني : كبر الكفر والشرك ، كقوله تعالى : إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين

                                                          ألا ترى أنه قابله في نقيضه بالإيمان فقال : " ولا يدخل النار من في قلبه مثل ذلك من الإيمان " أراد دخول تأبيد .

                                                          وقيل : أراد إذا أدخل الجنة نزع ما في قلبه من الكبر ، كقوله تعالى : ونزعنا ما في صدورهم من غل

                                                          ( س ) ومنه الحديث : ولكن الكبر من بطر الحق هذا على الحذف ؛ أي : ولكن ذو الكبر من بطر الحق ، أو ولكن الكبر كبر من بطر الحق ، كقوله تعالى : ولكن البر من اتقى

                                                          وفي حديث الدعاء : أعوذ بك من سوء الكبر يروى بسكون الباء وفتحها ، فالسكون من الأول ، والفتح بمعنى الهرم والخرف .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عبد الله بن زيد صاحب الأذان : " أنه أخذ عودا في منامه ليتخذ منه كبرا " الكبر - بفتحتين - : الطبل ذو الرأسين . وقيل : الطبل الذي له وجه واحد .

                                                          ( س ) ومنه حديث عطاء : " سئل عن التعويذ يعلق على الحائض ، فقال : إن كان في كبر فلا بأس به " أي : في طبل صغير .

                                                          وفي رواية : " إن كان في قصبة " .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية