الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قسم ) في حديث قراءة الفاتحة : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين أراد بالصلاة هاهنا القراءة ، تسمية للشيء ببعضه ، وقد جاءت مفسرة في الحديث . وهذه القسمة في المعنى لا اللفظ ؛ لأن نصف الفاتحة ثناء ، ونصفها مسألة ودعاء ، وانتهاء الثناء عند قوله : إياك نعبد ؛ ولذلك قال في وإياك نستعين هذه الآية بيني وبين عبدي .

                                                          ( هـ ) وفي حديث علي : " أنا قسيم النار " أراد أن الناس فريقان : فريق معي ؛ فهم على هدى ، وفريق علي ، فهم على ضلال ، فنصف معي في الجنة ، ونصف علي في النار .

                                                          وقسيم : فعيل بمعنى مفاعل ، كالجليس والسمير ، قيل : أراد بهم الخوارج . وقيل : كل من قاتله .

                                                          ( هـ ) وفيه : " إياكم والقسامة " القسامة - بالضم - : ما يأخذه القسام من رأس المال عن أجرته لنفسه ، كما يأخذ السماسرة رسما مرسوما لا أجرا معلوما ، كتواضعهم أن يأخذوا من كل ألف شيئا معينا ، وذلك حرام .

                                                          قال الخطابي : ليس في هذا تحريم إذا أخذ القسام أجرته بإذن المقسوم لهم ، وإنما هو [ ص: 62 ] فيمن ولي أمر قوم ، فإذا قسم بين أصحابه شيئا أمسك منه لنفسه نصيبا يستأثر به عليهم .

                                                          وقد جاء في رواية أخرى : الرجل يكون على الفئام من الناس ، فيأخذ من حظ هذا وحظ هذا

                                                          وأما القسامة - بالكسر - فهي صنعة القسام . كالجزارة والجزارة ، والبشارة والبشارة .

                                                          ومنه حديث وابصة : " مثل الذي يأكل القسامة كمثل جدي بطنه مملوء رضفا " جاء تفسيرها في الحديث أنها الصدقة ، والأصل الأول .

                                                          وفيه : " أنه استحلف خمسة نفر في قسامة معهم رجل من غيرهم . فقال : ردوا الأيمان على أجالدهم " القسامة - بالفتح - : اليمين ، كالقسم ، وحقيقتها أن يقسم من أولياء الدم خمسون نفرا على استحقاقهم دم صاحبهم ، إذا وجدوه قتيلا بين قوم ولم يعرف قاتله ، فإن لم يكونوا خمسين أقسم الموجودون خمسين يمينا ، ولا يكون فيهم صبي ، ولا امرأة ، ولا مجنون ، ولا عبد ، أو يقسم بها المتهمون على نفي القتل عنهم ، فإن حلف المدعون استحقوا الدية ، وإن حلف المتهمون لم تلزمهم الدية .

                                                          وقد أقسم يقسم قسما وقسامة إذا حلف . وقد جاءت على بناء الغرامة والحمالة ؛ لأنها تلزم أهل الموضع الذي يوجد فيه القتيل .

                                                          ومنه حديث عمر : " القسامة توجب العقل " أي : توجب الدية لا القود .

                                                          وفي حديث الحسن : " القسامة جاهلية " أي : كان أهل الجاهلية يدينون بها ، وقد قررها الإسلام .

                                                          وفي رواية : " القتل بالقسامة جاهلية " أي : أن أهل الجاهلية كانوا يقتلون بها ، أو أن القتل بها من أعمال الجاهلية ، كأنه إنكار لذلك واستعظام .

                                                          وفيه : " نحن نازلون بخيف بني كنانة حيث تقاسموا [ على الكفر " تقاسموا ] [ ص: 63 ] من القسم : اليمين ؛ أي : تحالفوا ، يريد لما تعاهدت قريش على مقاطعة بني هاشم وترك مخالطتهم .

                                                          وفي حديث الفتح : " دخل البيت فرأى إبراهيم وإسماعيل بأيديهما الأزلام ، فقال : قاتلهم الله ، والله لقد علموا أنهما لم يستقسما بها قط " الاستقسام : طلب القسم الذي قسم له وقدر ؛ مما لم يقسم ولم يقدر ، وهو استفعال منه ، وكانوا إذا أراد أحدهم سفرا أو تزويجا ، أو نحو ذلك من المهام ضرب بالأزلام وهي القداح ، وكان على بعضها مكتوب : أمرني ربي ، وعلى الآخر : نهاني ربي ، وعلى الآخر غفل ، فإن خرج " أمرني " مضى لشأنه ، وإن خرج " نهاني " أمسك ، وإن خرج " الغفل " عاد ، أجالها وضرب بها أخرى إلى أن يخرج الأمر أو النهي ، وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( س هـ ) وفي حديث أم معبد : قسيم وسيم القسامة : الحسن ، ورجل مقسم الوجه ؛ أي : جميل كله ، كأن كل موضع منه أخذ قسما من الجمال ، ويقال لحر الوجه : قسمة بكسر السين ، وجمعها قسمات .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية