الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قول ) ( هـ ) فيه : أنه كتب لوائل بن حجر : إلى الأقوال العباهلة وفي رواية : " الأقيال " الأقوال : جمع قيل ، وهو الملك النافذ القول والأمر ، وأصله : قيول ، فيعل ، من القول ، فحذفت عينه ، ومثله : أموات ، في جمع ميت ، مخفف ميت ، وأما : " أقيال " فمحمول على لفظ قيل ، كما قالوا : أرياح ، في جمع : ريح ، والسائغ المقيس : أرواح .

                                                          ( هـ س ) وفيه : أنه نهى عن قيل وقال أي : نهى عن فضول ما يتحدث به المتجالسون من قولهم : قيل كذا ، وقال كذا ، وبناؤهما على كونهما فعلين ماضيين متضمنين للضمير ، والإعراب على إجرائهما مجرى الأسماء خلوين من الضمير ، وإدخال حرف التعريف عليهما ( لذلك ) في قولهم : القيل والقال ، وقيل : القال : الابتداء ، والقيل : الجواب .

                                                          وهذا إنما يصح إذا كانت الرواية : " قيل وقال " على أنهما فعلان ، فيكون النهي عن القول بما لا يصح ولا تعلم حقيقته ، وهو كحديثه الآخر : " بئس مطية الرجل زعموا " فأما من حكى ما يصح ويعرف حقيقته وأسنده إلى ثقة صادق فلا وجه للنهي عنه ولا ذم .

                                                          وقال أبو عبيد : فيه نحو وعربية ، وذلك أنه جعل القال مصدرا ، كأنه قال : نهى عن قيل وقول ، يقال : قلت قولا وقيلا وقالا ، وهذا التأويل على أنهما اسمان .

                                                          وقيل : أراد النهي عن كثرة الكلام مبتدئا ومجيبا .

                                                          [ ص: 123 ] وقيل : أراد به حكاية أقوال الناس ، والبحث عما لا يجدي عليه خيرا ولا يعنيه أمره .

                                                          ومنه الحديث : ألا أنبئكم ما العضه ؟ هي النميمة القالة بين الناس أي : كثرة القول وإيقاع الخصومة بين الناس بما يحكى للبعض عن البعض .

                                                          ومنه الحديث : ففشت القالة بين الناس ويجوز أن يريد به القول والحديث .

                                                          ( هـ س ) وفيه : سبحان الذي تعطف بالعز وقال به أي : أحبه واختصه لنفسه ، كما يقال : فلان يقول بفلان ؛ أي : بمحبته واختصاصه .

                                                          وقيل : معناه حكم به ، فإن القول يستعمل في معنى الحكم .

                                                          وقال الأزهري : معناه غلب به ، وأصله من القيل : الملك ؛ لأنه ينفذ قوله .

                                                          ( هـ ) وفي حديث رقية النملة : " العروس تكتحل وتقتال وتحتفل " أي : تحتكم على زوجها .

                                                          ( س ) وفيه : قولوا بقولكم أو ببعض قولكم ، ولا يستجرينكم الشيطان أي : قولوا بقول أهل دينكم وملتكم ؛ أي : ادعوني رسولا ونبيا كما سماني الله ، ولا تسموني سيدا ، كما تسمون رؤساءكم ؛ لأنهم كانوا يحسبون أن السيادة بالنبوة كالسيادة بأسباب الدنيا .

                                                          وقوله : " بعض قولكم " يعني : الاقتصاد في المقال وترك الإسراف فيه .

                                                          وفي حديث علي : " سمع امرأة تندب عمر ، فقال : أما والله ما قالته ، ولكن قولته " أي : لقنته وعلمته ، وألقي على لسانها ، يعني : من جانب الإلهام ؛ أي : أنه حقيق بما قالته فيه .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن المسيب : " قيل له : ما تقول في عثمان وعلي ، فقال : أقول ما قولني الله ، ثم قرأ : والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان .

                                                          يقال : قولتني وأقولتني ؛ أي : علمتني ما أقول ، وأنطقتني ، وحملتني على القول .

                                                          وفيه : أنه سمع صوت رجل يقرأ بالليل فقال : أتقوله مرائيا ؟ أي : أتظنه ، وهو مختص بالاستفهام .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : لما أراد أن يعتكف ورأى الأخبية في المسجد ، فقال : البر تقولون بهن ؟ " أي : أتظنون وترون أنهن أردن البر .

                                                          وفعل القول إذا كان بمعنى الكلام لا يعمل فيما بعده ، تقول : قلت زيد قائم ، وأقول عمرو منطلق [ ص: 124 ] وبعض العرب يعمله فيقول : قلت زيدا قائما ، فإن جعلت القول بمعنى الظن أعملته مع الاستفهام ، كقولك : متى تقول عمرا ذاهبا ، وأتقول زيدا منطلقا ؟ ( س ) وفيه : فقال بالماء على يده

                                                          ( س ) وفي حديث آخر : " فقال بثوبه هكذا " العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال ، وتطلقه على غير الكلام واللسان ، فتقول : قال بيده ؛ أي : أخذ : وقال برجله ؛ أي : مشى ، قال الشاعر :


                                                          وقالت له العينان سمعا وطاعة

                                                          * أي : أومأت ، وقال بالماء على يده ؛ أي : قلب ، وقال بثوبه ؛ أي : رفعه ، وكل ذلك على المجاز والاتساع كما روي في حديث السهو : فقال : ما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : صدق روي أنهم أومئوا برءوسهم ؛ أي : نعم ، ولم يتكلموا ، ويقال : قال بمعنى أقبل ، وبمعنى مال ، واستراح ، وضرب ، وغلب ، وغير ذلك .

                                                          وقد تكرر ذكر : " القول " بهذه المعاني في الحديث .

                                                          ( س ) وفي حديث جريج : " فأسرعت القولية إلى صومعته " هم الغوغاء وقتلة الأنبياء ، واليهود تسمي الغوغاء قولية .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية