الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( لحن ) ( هـ س ) فيه إنكم لتختصمون إلي ، وعسى أن يكون بعضكم ألحن بحجته من الآخر ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار اللحن : الميل عن جهة الاستقامة . يقال : لحن فلان في كلامه ، إذا مال عن صحيح المنطق .

                                                          وأراد : إن بعضكم يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره .

                                                          ويقال : لحنت لفلان ، إذا قلت له قولا يفهمه ويخفى على غيره ، لأنك تميله بالتورية عن الواضح المفهوم . ومنه قالوا : لحن الرجل فهو لحن ، إذا فهم وفطن لما لا يفطن له غيره .

                                                          * ومنه الحديث " أنه بعث رجلين إلى بعض الثغور عينا ، فقال لهما : إذا انصرفتما فالحنا لي لحنا " أي : أشيرا إلي ولا تفصحا ، وعرضا بما رأيتما . أمرهما بذلك لأنهما ربما أخبرا عن العدو ببأس وقوة فأحب ألا يقف عليه المسلمون .

                                                          [ هـ ] ومنه حديث ابن عبد العزيز " عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم " أي : فاطنهم وجادلهم .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمر " تعلموا السنة والفرائض واللحن كما تعلمون القرآن " وفي رواية " تعلموا اللحن في القرآن كما تتعلمونه " يريد تعلموا لغة العرب بإعرابها .

                                                          وقال الأزهري : معناه : تعلموا لغة العرب في القرآن ، واعرفوا معانيه كقوله تعالى : ولتعرفنهم في لحن القول أي : معناه وفحواه .

                                                          واللحن : اللغة والنحو . واللحن أيضا : الخطأ في الإعراب ، فهو من الأضداد .

                                                          قال الخطابي : كان ابن الأعرابي يقول : إن اللحن بالسكون : الفطنة والخطأ سواء ، وعامة أهل اللغة في هذا على خلافه . قالوا : الفطنة بالفتح . والخطأ بالسكون .

                                                          وقال ابن الأعرابي : واللحن أيضا بالتحريك : اللغة .

                                                          * وقد روي " أن القرآن نزل بلحن قريش " أي : بلغتهم .

                                                          ومنه قول عمر : " تعلموا الفرائض والسنة واللحن " : أي اللغة .

                                                          [ ص: 242 ] قال الزمخشري : " المعنى : تعلموا الغريب واللحن ; لأن في ذلك علم غريب القرآن ومعانيه ومعاني الحديث والسنة ، ومن لم يعرفه لم يعرف أكثر كتاب الله ومعانيه ، ولم يعرف أكثر السنن " .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عمر أيضا " أبي أقرؤنا ، وإنا لنرغب عن كثير من لحنه " أي : لغته .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث أبي ميسرة ، في قوله تعالى : فأرسلنا عليهم سيل العرم قال : العرم : المسناة بلحن اليمن . أي : بلغتهم .

                                                          وقال أبو عبيد : قول عمر " تعلموا اللحن " . أي الخطأ في الكلام لتحترزوا منه . قال : ( هـ ) ومنه حديث أبي العالية " كنت أطوف مع ابن عباس وهو يعلمني اللحن " .

                                                          * ومنه الحديث " وكان القاسم رجلا لحنة " يروى بسكون الحاء وفتحها ، وهو الكثير اللحن .

                                                          وقيل : هو بالفتح الذي يلحن الناس : أي : يخطئهم . والمعروف في هذا البناء أنه للذي يكثر منه الفعل ، كالهمزة واللمزة والطلعة ، والخدعة ، ونحو ذلك .

                                                          ( هـ ) وفي حديث معاوية " أنه سأل عن ابن زياد فقيل : إنه ظريف ، على أنه يلحن ، فقال : أو ليس ذلك أظرف له ؟ " قال القتيبي : ذهب معاوية إلى اللحن الذي هو الفطنة ، محرك الحاء .

                                                          وقال غيره : إنما أراد ضد الإعراب ، وهو يستملح في الكلام إذا قل ، ويستثقل الإعراب والتشدق .

                                                          * وفيه اقرءوا القرآن بلحون العرب وأصواتها ، وإياكم ولحون أهل العشق ولحون أهل الكتابين اللحون والألحان : جمع لحن ، وهو التطريب ، وترجيع الصوت وتحسين القراءة ، والشعر والغناء . ويشبه أن يكون أراد هذا الذي يفعله قراء الزمان ; من اللحون التي يقرءون بها [ ص: 243 ] النظائر في المحافل ، فإن اليهود والنصارى يقرءون كتبهم نحوا من ذلك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية