الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( لقا ) * فيه من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ، والموت دون لقاء الله .

                                                          المراد بلقاء الله المصير إلى الدار الآخرة ، وطلب ما عند الله ; وليس الغرض به الموت ; لأن كلا يكرهه ، فمن ترك الدنيا وأبغضها أحب لقاء الله ، ومن آثرها وركن إليها كره لقاء الله ; لأنه إنما يصل إليه بالموت .

                                                          وقوله : " والموت دون لقاء الله " يبين أن الموت غير اللقاء ، ولكنه معترض دون الغرض المطلوب ، فيجب أن يصبر عليه ويحتمل مشاقه حتى يصل إلى الفوز باللقاء .

                                                          [ هـ ] وفيه : أنه نهى عن تلقي الركبان " هو أن يستقبل الحضري البدوي قبل وصوله إلى البلد ويخبره بكساد ما معه كذبا ; ليشتري منه سلعته بالوكس ، وأقل من ثمن المثل ، وذلك تغرير محرم ، ولكن الشراء منعقد ، ثم إذا كذب وظهر الغبن ، ثبت الخيار للبائع ، وإن صدق ، ففيه على مذهب الشافعي خلاف .

                                                          [ هـ ] وفيه " دخل أبو قارظ مكة فقالت قريش : حليفنا وعضدنا وملتقى أكفنا " أي : أيدينا تلتقي مع يده وتجتمع . وأراد به الحلف الذي كان بينه وبينهم .

                                                          [ ص: 267 ] * وفيه إذا التقى الختانان وجب الغسل أي : إذا حاذى أحدهما الآخر ، وسواء تلامسا أو لم يتلامسا . يقال : التقى الفارسان إذا تحاذيا وتقابلا .

                                                          وتظهر فائدته فيما إذا لف على عضوه خرقة ثم جامع فإن الغسل يجب عليه ، وإن لم يلمس الختان الختان .

                                                          * وفي حديث النخعي " إذا التقى الماءان فقد تم الطهور " يريد إذا طهرت العضوين من أعضائك في الوضوء فاجتمع الماءان في الطهور لهما فقد تم طهورهما للصلاة ، ولا يبالي أيهما قدم .

                                                          وهذا على مذهب من لا يوجب الترتيب في الوضوء ، أو يريد بالعضوين اليدين والرجلين ، في تقديم اليمنى على اليسرى ، أو اليسرى على اليمنى . وهذا لم يشترطه أحد .

                                                          * وفيه إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يلقي لها بالا يهوي بها في النار أي : ما يحضر قلبه لما يقوله منها . والبال : القلب .

                                                          * ومنه حديث الأحنف " أنه نعي إليه رجل فما ألقى لذلك بالا " أي : ما استمع له ، ولا اكترث به .

                                                          * وفي حديث أبي ذر " ما لي أراك لقا بقا " هكذا جاءا مخففين في رواية ، بوزن عصا واللقى : الملقى على الأرض ، والبقا : إتباع له .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث حكيم بن حزام " وأخذت ثيابها فجعلت لقى " أي : مرماة ملقاة . قيل : أصل اللقى : أنهم كانوا إذا طافوا خلعوا ثيابهم ، وقالوا : لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها فيلقونها عنهم ، ويسمون ذلك الثوب لقى ، فإذا قضوا نسكهم لم يأخذوها ، وتركوها بحالها ملقاة .

                                                          * وفي حديث أشراط الساعة " ويلقى الشح " قال الحميدي : لم تضبط الرواة هذا الحرف ويحتمل أن يكون " يلقى " ، بمعنى يتلقى ويتعلم ويتواصى به ويدعى إليه ، من [ ص: 268 ] قوله تعالى : ولا يلقاها إلا الصابرون أي : ما يعلمها وينبه عليها ، وقوله تعالى : فتلقى آدم من ربه كلمات .

                                                          ولو قيل " يلقى " مخففة القاف لكان أبعد ، لأنه لو ألقي لترك ، ولم يكن موجودا . وكان يكون مدحا ، والحديث مبني على الذم .

                                                          ولو قيل " يلفى " بالفاء بمعنى يوجد ، لم يستقم ; لأن الشح ما زال موجودا .

                                                          * وفي حديث ابن عمر " أنه اكتوى من اللقوة " هي مرض يعرض للوجه فيميله إلى أحد جانبيه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية