الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( موت ) * في دعاء الانتباه الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا ، وإليه النشور سمى النوم موتا ، لأنه يزول معه العقل والحركة ، تمثيلا وتشبيها ، لا تحقيقا .

                                                          وقيل : الموت في كلام العرب يطلق على السكون . يقال : ماتت الريح : أي سكنت .

                                                          والموت يقع على أنواع بحسب أنواع الحياة ، فمنها ما هو بإزاء القوة النامية الموجودة في الحيوان والنبات ، كقوله تعالى : يحيي الأرض بعد موتها .

                                                          ومنها زوال القوة الحسية ، كقوله تعالى : ياليتني مت قبل هذا .

                                                          ومنها زوال القوة العاقلة ، وهي الجهالة ، كقوله تعالى : أومن كان ميتا فأحييناه ، و إنك لا تسمع الموتى .

                                                          ومنها الحزن والخوف المكدر للحياة ، كقوله تعالى : ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت .

                                                          ومنها المنام كقوله تعالى : والتي لم تمت في منامها .

                                                          وقد قيل : المنام : الموت الخفيف ، والموت : النوم الثقيل .

                                                          وقد يستعار الموت للأحوال الشاقة ، كالفقر ، والذل ، والسؤال ، والهرم ، والمعصية ، وغير ذلك .

                                                          ( س ) ومنه الحديث " أول من مات إبليس " لأنه أول من عصى .

                                                          ( س ) وحديث موسى عليه السلام " قيل له : إن هامان قد مات ، فلقيه ، فسأل ربه ، فقال له : أما تعلم أن من أفقرته فقد أمته .

                                                          ( س ) وحديث عمر " اللبن لا يموت " أراد أن الصبي إذا رضع امرأة ميتة حرم عليه من ولدها وقرابتها ما يحرم عليه منهم لو كانت حية وقد رضعها .

                                                          [ ص: 370 ] وقيل : معناه إذا فصل اللبن من الثدي وأسقيه الصبي ، فإنه يحرم به ما يحرم بالرضاع ولا يبطل عمله بمفارقة الثدي ، فإن كل ما انفصل من الحي ميت إلا اللبن والشعر والصوف لضرورة الاستعمال .

                                                          وفي حديث البحر : الحل ميتته : هو بفتح الميم اسم لما مات فيه من حيوانه ولا تكسر الميم .

                                                          وفي حديث الفتن : فقد مات ميتة جاهلية هي بالكسر حالة الموت : أي كما يموت أهل الجاهلية من الضلال والفرقة .

                                                          ( س ) وفي حديث أبي سلمة : لم يكن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم متحزقين ولا متماوتين يقال : تماوت الرجل إذا أظهر من نفسه التخافت والتضاعف من العبادة والزهد والصوم .

                                                          ( س ) ومنه حديث عمر " رأى رجلا مطأطئا رأسه فقال : ارفع رأسك فإن الإسلام ليس بمريض " .

                                                          ورأى رجلا متماوتا فقال : لا تمت علينا ديننا أماتك الله . ( س ) وحديث عائشة نظرت إلى رجل كاد يموت تخافتا فقالت : ما لهذا ؟ فقيل : إنه من القراء فقالت : كان عمر سيد القراء ، كان إذا مشى أسرع وإذا قال أسمع وإذا ضرب أوجع . ( هـ ) وفي حديث بدر : أرى القوم مستميتين أي مستقتلين وهم الذين يقاتلون على الموت .

                                                          ( س ) وفيه : يكون في الناس موتان كقعاص الغنم ، الموتان بوزن البطلان : الموت الكثير الوقوع .

                                                          وفيه : من أحيا مواتا فهو أحق به ، الموات : الأرض التي لم تزرع ولم تعمر ، ولا جرى عليها ملك أحد . وإحياؤها : مباشرة عمارتها ، وتأثير شيء فيها .

                                                          ( س ) ومنه الحديث : موتان الأرض لله ولرسوله ، يعني مواتها الذي ليس ملكا لأحد .

                                                          [ ص: 371 ] وفيه لغتان : سكون الواو ، وفتحها مع فتح الميم .

                                                          والموتان أيضا : ضد الحيوان .

                                                          وفيه " كان شعارنا يا منصور أمت " هو أمر بالموت ، والمراد به التفاؤل بالنصر بعد الأمر بالإماتة مع حصول الغرض للشعار ، فإنهم جعلوا هذه الكلمة علامة بينهم يتعارفون بها لأجل ظلمة الليل .

                                                          وفي حديث الثوم والبصل : من أكلهما فليمتهما طبخا أي : فليبالغ في طبخها لتذهب حدتهما ورائحتهما .

                                                          وفي حديث الشيطان : أما همزه فالموتة : يعني الجنون . والتفسير في الحديث .

                                                          فأما " غزوة مؤتة " فإنها بالهمز ، وهي موضع من بلد الشام .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية