الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) فيها ( لو دفع المال إلى اليتيم قبل ظهور رشده بعد الإدراك فضاع ضمن ) لأنه دفعه إلى من ليس له أن يدفع إليه ( وجاز بيعه ) أي الوصي ( على الكبير ) الغائب ( في غير العقار ) إلا الدين أو خوف هلاكه ذكره عزمي زاده معزيا للخانية . [ ص: 711 ] قلت : وفي الزيلعي والقهستاني الأصح لا لأنه نادر ، وجاز بيعه عقار صغير من أجنبي لا من نفسه بضعف قيمته ، أو لنفقة الصغير أو دين الميت ، أو وصية مرسلة لا نفاذ لها إلا منه ، أو لكون غلاته لا تزيد على مؤنته ، أو خوف خرابه أو نقصانه ، أو كونه في يد متغلب درر وأشباه ملخصا .

قلت : وهذا لو البائع وصيا لا من قبل أم أو أخ فإنهما لا يملكان بيع العقار مطلقا ولا شراء غير طعام وكسوة ، ولو البائع أبا فإن محمودا عند الناس أو مستور الحال يجوز ابن كمال

التالي السابق


( قوله قبل ظهور رشده ) الرشد هو كونه مصلحا في ماله كما مر في الحجر ، وقدمنا هناك أن ظهوره بالبينة ، ولو ظهر رشده ولو قبل الإدراك فدفع إليه لا يضمن كما في الخانية ( قوله ضمن ) هذا قول الصاحبين بدليل التعليل : وقال الإمام بعدم الضمان إذا دفعه بعد خمس وعشرين سنة لأن له حينئذ ولاية الدفع إليه ط ( قوله وجاز بيعه إلخ ) بيان المسألة أنه إذا لم يكن على الميت دين ولا وصية فإن الورثة كبارا حضورا لا يبيع شيئا ، ولو غيبا ، له بيع العروض فقط ، وإن كلهم صغارا يبيع العروض والعقار ، وإن البعض صغارا والبعض كبارا فكذلك عنده . وعندهما يبيع نصيب الصغار ولو من العقار دون الكبار إلا إذا كانوا غيبا فيبيع العروض ، وقولهما القياس وبه نأخذ ، وإن كان على الميت دين أو أوصى بدراهم ولا دراهم في التركة والورثة كبار حضور ، فعنده يبيع جميع التركة ، وعندهما لا يجوز إلا بيع حصة الدين ا هـ ملخصا من غاية البيان عن نكت الوصايا لأبي الليث ( قوله إلا الدين ) أي فله بيع العقار ، لكنه يوهم أنه مقيد بكون الكبير غائبا وليس كذلك كما مر .

وفي العناية قيد بالغيبة لأنهم إذا كانوا حضورا ليس للوصي التصرف في التركة أصلا إلا إذا كان على الميت دين أو أوصى بوصية ولم تقض الورثة الديون ولم ينفذوا الوصية من مالهم فإنه يبيع التركة كلها إن كان الدين محيطا ، وبمقدار الدين إن لم يحط ، وله بيع ما زاد على الدين أيضا عند أبي حنيفة خلافا لهما وينفذ الوصية بمقدار الثلث ، ولو باع لتنفيذها شيئا من التركة جاز بمقدارها بالإجماع وفي الزيادات الخلاف المذكور في الدين ا هـ . قال في أدب الأوصياء وبقولهما يفتى كذا في الحافظية والغنية وسائر الكتب ا هـ ومثله في البزازية . [ تنبيه ]

قال في القنية لا يملك الوصي بيع جزء شائع من دار اليتيم للنفقة إذا وجد من يشتري جزءا معينا منها [ ص: 711 ] لأنه تعييب للباقي ا هـ ( قوله الأصح لا ) راجع إلى قوله أو خوف هلاكه ( قوله لأنه ) أي الهلاك نادر .

قال في المعراج : وقال بعضهم لا يملك وهو الأصح لأن الدار لا تهلك غالبا فينبني الحكم عليه لا على النادر ا هـ ( قوله وجاز بيعه عقار صغير إلخ ) أطلق السلف جواز بيعه العقار وقيده المتأخرون بالشروط المذكورة كما في الخانية وغيرها . قال الزيلعي : قال الصدر الشهيد وبه يفتى : أي بقول المتأخرين ، وما في الأشباه من أنه لا يجوز عند المتقدمين سبق قلم فتنبه ( قوله لا من نفسه ) قال ابن الكمال : وقولهم أجنبي يؤذن أن بيعه من نفسه . لا يجوز لأن العقار من أنفس الأموال فإذا باع من نفسه فالتهمة ظاهرة ا هـ .

وفيه أنه إذا كان بضعف القيمة لا يتأتى معه التهمة فلعل القيد اتفاقي ، يؤيده ما في الهندية : لو اشترى الوصي عقار اليتيم لنفسه جاز لو خيرا بأن يأخذه بضعف القيمة عند البعض ا هـ أفاده السائحاني ، وقدمنا مثله عن أدب الأوصياء ، وقوله عند البعض قيد لقوله بأن يأخذه إلخ لا للجواز كما يعلم مما قدمناه ( قوله أو لنفقة ) أي وإن كان بمثل القيمة أو بغبن يسير ط .

أقول : وكذا يقال فيما بعده فيما يظهر بدليل جعله مقابلا للأول ( قوله أو دين الميت ) أي دين على الميت ، لا وفاء له إلا ببيعه خانية ، لكن يبيع بقدر الدين فقط على المفتى به كما قدمناه وكذا في الوصية ( قوله مرسلة ) تقدم تفسيرها بالتي لم تقيد بكسر كثلث أو ربع مثلا ، وذلك كما إذا أوصى بمائة مثلا ( قوله أو خوف خرابه ) تقدم في عقار الكبير الغائب أن الأصح أنه لا يبيعه لذلك ، والظاهر أنه لا يجري التصحيح هنا لأن المنظور إليه هذا منفعة الصغير ولذا جاز هنا في بعض هذه الصور ما لا يجوز في عقار الكبير تأمل ( قوله أو كونه في يد متغلب ) كأن استرده منه الوصي ولا بينة له وخاف أن يأخذه المتغلب منه بعد ذلك تمسكا بما كان له من اليد فللوصي بيعه وإن لم يكن لليتيم حاجة إلى ثمنه كما في بيوع الخانية ( قوله لا من قبل أم أو أخ ) أي أو نحوهما من الأقارب غير الأب والجد والقاضي ، ويأتي آخر الباب تمام الكلام في ذلك ( قوله مطلقا ) أي ولو في هذه المستثنيات ، وإذا احتاج الحال إلى بيعه يرفع الأمر إلى القاضي ط ( قوله يجوز ) فليس للصغير نقضه بعد بلوغه إذ للأب شفقة كاملة ، ولم يعارض هذا المعنى معنى آخر فكان هذا البيع نظرا للصغير ، وإن كان الأب فاسدا لم يجز بيعه العقار فله نقضه بعد بلوغه هو المختار إلا إذا باعه بضعف القيمة إذ عارض ذلك المعنى معنى آخر ، ويجوز بيع منقوله في رواية ويوضع ثمنه في يد عدل ، وفي رواية لا إلا بضعف قيمته . وبه يفتى جامع الفصولين وسيأتي في الفروع . [ تنبيه ]

ظاهر كلامهم هنا أنه لا يفتقر بيع الأب عقار ولده إلى المسوغات المذكورة في الوصي . ونقل الحموي في حواشي الأشباه من الوصايا أن الأب كالوصي لا يجوز له بيع العقار إلا في المسائل المذكورة كما أفتى به الحانوتي ا هـ . ثم رأيت في مجموعة شيخ مشايخنا منلا علي التركماني : قد نقل عبارة الحموي المذكورة . ثم قال ما نصه : وهو مخالف لإطلاق ما في الفصول وغيره ولم يستند الحانوتي في ذلك إلى نقل صحيح ، ولكن إذا صارت المسوغات في بيع الأب أيضا كما في الوصي صار حسنا مفيدا أيضا لأن الأخذ بالاتفاق أوفق هكذا أفادنيه [ ص: 712 ] شيخنا الشيخ محمد مراد السقاميني رحمه الله تعالى ا هـ




الخدمات العلمية