الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وجناية الرهن عليهما ) أي على الراهن أو المرتهن ( وعلى ما لهما هدر ) أي باطل ( إذا كانت ) الجناية ( غير موجبة للقصاص ) في النفس دون الأطراف ، إذ لا قود بين طرفي عبد وحر ( وإن كانت موجبة للقصاص فمعتبرة ) فيقتص منه ويبطل الدين خانية .

وعبارة القهستاني وشرح المجمع يبطل الرهن ( كجنايته ) أي الرهن - [ ص: 518 ] على ابن الراهن أو على ابن المرتهن ) فإنها معتبرة في الصحيح حتى يدفع بها أو يفدي وإن كانت على المال فيباع كما لو جنى على الأجنبي إذ هو أجنبي لتباين الأملاك زيلعي .

التالي السابق


( قوله هدر ) أما على الراهن فلكونها جناية المملوك على مالكه وهي فيما يوجب المال هدر لأنه المستحق .

وأما على المرتهن فلأنا لو اعتبرناها لوجب عليه التخلص منها لأنها حصلت في ضمانه درر ملخصا وهذا عنده .

وقالا : جنايته على المرتهن معتبرة .

ثم اعلم أن جنايته على مال المرتهن هدر اتفاقا إن كانت قيمته والدين سواء ، وإن كانت القيمة أكثر فعن أبي حنيفة أنها معتبرة بقدر الأمانة .

وعنه أنها هدر كالمضمون هداية .

وفي المعراج عن المبسوط : لو كان قيمته ألفين والدين ألفا فجنى على المرتهن أو رقيقه قيل للراهن : ادفعه أو افده ، أما على قولهما فغير مشكل ، وأما على قوله فجنايته ههنا معتبرة في ظاهر الرواية ، وروي عنه أنها لا تعتبر .

وجه الظاهر أن النصف منه أمانة هنا وجناية الوديعة على المودع معتبرة فيقال للراهن ادفعه أو افده ، فإن دفعه وقبل المرتهن صار عبدا للمرتهن فيسقط الدين لأنه يكون كالهالك في يده في حكم سقوط الدين كما لو جنى على أجنبي ودفعاه به ، وإن فداه كان على الراهن نصف الفداء حصة الأمانة وعلى المرتهن نصف الفداء حصة المضمون فتسقط حصته لأنه لا يستوجب على نفسه دينا ويستوفى من الراهن حصته من الفداء ويكون الفداء رهنا على حاله ا هـ ملخصا ( قوله غير موجبة للقصاص ) بأن كانت خطأ في النفس أو فيما دونها درر ( قوله في النفس دون الأطراف إلخ ) المناسب ذكره بعد قوله وإن كانت موجبة للقصاص لأن غير الموجبة للقصاص في النفس أو الأطراف هدر ، وأما الموجبة له فمعتبرة إن أوجبته في النفس دون الأطراف فيفهم أنها في الأطراف هدر تأمل . ( قوله ويبطل الدين ) يعني إن كان العبد مثل الدين أو أكثر وقدمنا وجهه آنفا عن المعراج ، فلو أقل سقط من الدين بقدره كما هو الحكم في هلاك الرهن أفاده ح .

وقال : فقد ظهر وجه التعبير بالدين ، كما أن التعبير بالرهن له وجه [ ص: 518 ] أيضا كما لا يخفى ا هـ أي لأنه يلزم من بطلان الدين بطلان الرهن .

قال ط : وانظر ما إذا عفا عنه ولي الدم ، والظاهر أنه يبقى على رهنيته ( قوله وإن كانت على المال فيباع ) أي إن لم يفده الراهن أو المرتهن .

وفي البزازية : أتلف المرهون مال إنسان مستغرقا قيمته ، فإن فداه المرتهن فالرهن والدين بحاله وإن أبى قيل للراهن افده ، فإن فداه بطل الدين والرهن لأنه استحق بأمر عند المرتهن فكان عليه ، فإن لم يفده الراهن أيضا يباع فيأخذ العبد دينه وبطل مقداره من دين المرتهن إن دينه أقل وما بقي من ثمن العبد للراهن ، وإن كان دين المرتهن أكثر من دين العبد استوفى المرتهن الباقي إن حل دينه وإلا كان رهنا عنده إلى أن يحل فيأخذه قصاصا ا هـ ( قوله إذ هو ) أي الابن أجنبي عن أبيه أي في حق المالك ، وهذا تعليل لكون جناية المرهون على ابن الراهن أو ابن المرتهن معتبرة .

[ تتمة ] في جناية الرهن بعضه على بعض كما لو كان عبدين فجنى أحدهما على الآخر ، فإن كان الكل من كل منهما مضمونا فالجناية هدر كالآفة السماوية وإلا تحول إلى الجاني من حصة المجني عليه من الدين نصف ما سقط ، لأن الجناية أربعة : جناية مشغول على مشغول ، أو على فارغ .

وجناية فارغ على فارغ أو على مشغول وكلها هدر إلا الرابع ، فإذا كانا رهنا بألف وقيمة كل ألف فالمقتول نصفه فارغ فيهدر .

بقي النصف المشغول متلفا بفارغ ومشغول فيهدر نصف هذا النصف لتلفه بمشغول ، ويعتبر نصفه الآخر لتلفه بفارغ فالهدر يسقط ما بإزائه من الدين والمعتبر يتحول إلى الجاني وذلك مائتان وخمسون فصار الجاني رهنا بسبعمائة وخمسين ، وتمامه في الولوالجية ومتفرقات التتارخانية ، وسيأتي قريبا ما لو كان الرهن عبدا ودابة .




الخدمات العلمية