الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) اعلم أن ( نفقة الزرع ) مطلقا بعد مضي مدة المزارعة ( عليهما بقدر الحصص ) وأما قبل مضيها فكل عمل قبل انتهاء الزرع كنفقة بذر ومؤنة حفظ وكري نهر على العامل ولو بلا شرط ، فإذا تناهى بقي مالا مشتركا بينهما ، فتجب عليهما مؤنته كحصاد ودياس ، كذا حرره المصنف ، وحمل عليه أصل صدر الشريعة فليحفظ ( فإن شرطاه على العامل فسدت ) كما لو شرطاه على رب الأرض ( بخلاف ما لو مات رب الأرض والزرع [ ص: 282 ] بقل فإن العمل فيه جميعا على العامل أو وارثه ) لبقاء مدة العقد والعقد يوجب على العامل عملا يحتاج إليه إلى انتهاء الزرع كما مر ، ولو مات قبل البذر بطلت ولا شيء لكرابه كما مر ، وكذا لو فسخت بدين محوج مجتبى .

التالي السابق


( قوله مطلقا ) أي سواء احتيج إليها قبل انتهاء الزرع أو بعده ح ( قوله بعد مضي مدة المزارعة ) الذي أحوجه إلى هذا التقييد فصل المصنف بينه وبين قوله فإن مضت المدة ، ولو وصله به كغيره لم يحتج إلى ذلك ( قوله عليهما ) ; لأنها كانت على العامل لبقاء العقد ; لأنه مستأجر في المدة ، فإذا مضت المدة انتهى العقد ، فتجب عليهما مؤنته على قدر ملكهما ; لأنه مشترك بينهما منح ( قوله كنفقة بذر ) أي بذره في الأرض ، وحمله إلى موضع إلقائه ط ( قوله كحصاد ) بفتح الحاء وكسرها ، وكذا الرفاع : وهو جمع الزرع إلى موضع الدياس : أي الدراس ، وهذا الموضع يسمى الجرن والبيدر سائحاني ( قوله وحمل عليه أصل صدر الشريعة ) حيث قال : وبهذا ينكشف لك أن قول صدر الشريعة فالحاصل أن كل عمل قبل الإدراك ، فهو على العامل محمول على ما إذا كان قبل مضي مدة المزارعة ليتصور بقاء العقد واستحقاق العمل على العامل ، إذ لو مضت ، فلا عقد ولا استحقاق ( قوله فإن شرطاه ) الضمير راجع إلى نفقة الزرع لا مطلقا بل النفقة المحتاج إليها بعد الانتهاء ، ففي الكلام شبه الاستخدام ا هـ ح ( قوله فسدت ) هذا ظاهر الرواية كما في الخانية ، ويأتي تصحيح خلافه ( قوله بخلاف ) متعلق بقوله ونفقة الزرع عليهما بالحصص ح [ ص: 282 ] قوله أو وارثه ) فيما لو كان الميت العامل ، وسيأتي في الفروع عن الملتقى ، أو كان الميت كل منهما تأمل ( قوله لبقاء مدة العقد ) أي فيكون العقد باقيا استحسانا ، فلا أجر عليه للأرض ، لكن ينتقض العقد فيما بقي من السنين كما في الخانية وغيرها لعدم الضرورة . قال في التتارخانية : وهذا إذا قال المزارع لا أقلع الزرع ، فإن قال أقلع لا يبقى عقد الإجارة ، وحيث اختار القلع فلورثة رب الأرض خيارات ثلاثة : إن شاءوا قلعوا ، والزرع بينهم ، أو أنفقوا عليه بأمر القاضي ليرجعوا على المزارع بجميع النفقة مقدرا بالحصة ، أو غرموا حصة المزارع ، والزرع لهم ، هذا إذا مات رب الأرض بعد الزراعة ، فلو قبلها بعد عمل المزارع في الأرض انتقضت ، ولا شيء له ، ولو بعدها قبل النبات ، ففي الانتقاض اختلاف المشايخ ، وإن مات المزارع والزرع بقل ، فإن أراد ورثته القلع لا يجبرون على العمل ولرب الأرض الخيارات الثلاثة ا هـ . ملخصا .

وفي الذخيرة : وفرق بين موت الدافع والزرع بقل وبين انتهاء المدة كذلك أن ورثة الدافع في الثاني يرجعون بنصف القيمة مقدرا بالحصة ; لأن بعد انتهاء المدة النفقة عليهما نصفان ، وفي الموت على العامل فقط لبقاء العقد ، وفرق من وجه آخر هو أن ورثة الدافع لو غرموا حصة العامل من الزرع يغرمونه نابتا غير مقلوع ; لأن له حق القرار والترك لقيام المزارعة ، وفي انقضاء المدة يغرمونه مقلوعا ا . هـ . بالمعنى ، وسيأتي إن شاء الله تعالى في المساقاة مزيد بيان ( قوله كما مر ) من قوله وأما قبل مضيها إلخ ( قوله ولا شيء لكرابه ) بخلاف ما مر من أنه لو امتنع رب الأرض من المضي فيها وقد كرب العامل يسترضى ديانة قال الزيلعي ; لأنه كان مغرورا من جهته بالامتناع باختياره ولم يوجد ذلك هنا ; لأن الموت يأتي بدون اختيار ا هـ ( قوله كما مر ) لم أر ما يفيده في كلامه السابق ( قوله وكذا لو فسخت بدين محوج ) أي ليس للعامل أن يطالبه بشيء زيلعي ، وظاهره أنه لا يؤمر باسترضائه ديانة وهو خلاف ما قدمه المصنف وقدمنا الكلام فيه .




الخدمات العلمية