الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 255 ] ( وإن أجبر عليها ) أي على قسمة غير المثل ( في متحد الجنس ) منه ( فقط ) سوى رقيق غير المغنم ( عند طلب الخصم ) فيجبر لما فيها من معنى الإفراز ، على أن المبادلة قد يجري فيها الجبر عند تعلق حق الغير كما في الشفعة وبيع ملك المديون لوفاء دينه .

( وينصب قاسم يرزق من بيت المال ليقسم بلا ) أخذ ( أجر ) منهم ( وهو أحب ) وما في بعض النسخ [ ص: 256 ] واجب غلط ( وإن نصب بأجر ) المثل ( صح ) لأنها ليست بقضاء حقيقة فجاز له أخذ الأجرة عليها وإن لم يجز على القضاء ذكره أخي زاده ( وهو على عدد الرءوس ) مطلقا لا الأنصباء خلافا لهما ، قيد بالقاسم لأن أجرة الكيال والوزان بقدر الأنصباء إجماعا ، وكذا سائر المؤن كأجرة الراعي والحمل والحفظ وغيرها شرح مجمع ، زاد في الملتقى : إن لم يكن للقسمة ، وإن كان لها فعلى الخلاف لكن ذكره في الهداية بلفظ قيل ، وتمامه فيما علقته عليه .

التالي السابق


( قوله وإن أجبر عليها إلخ ) إن وصلية ، والمراد بذلك بيان عدم المنافاة بين كون المبادلة غالبة في القيمي وبين كونه يجبر على القسمة في متحد الجنس منه ، وذكر وجهه الشارح بقوله لما فيها إلخ .

[ فائدة ]

القسمة ثلاثه أنواع : قسمة لا يجبر الآبي عليها كقسمة الأجناس المختلفة . وقسمة يجبر في المثليات . وقسمة يجبر في غير المثليات كالثياب من نوع واحد والبقر والغنم . والخيارات ثلاثة : شرط ، وعيب ، ورؤية ، ففي قسمة الأجناس المختلفة نثبت الثلاثة ، وفي المثليات يثبت خيار العيب فقط ، وفي غيرها كالثياب من نوع واحد يثبت خيار العيب ، وكذا خيار الرؤية والشرط على الصحيح المفتى به ، وتمامه في الشرنبلالية ( قوله في متحد الجنس منه ) أي من غير المثلي ، وقوله فقط قيد لمتحد الجنس ، ويدخل متحد الجنس المثلي بالأولى كما أفاده ط . وظن الشرنبلالي أنه قيد لغير المثلي فقال فيه تأمل لأنه يوهم أنه في متحد الجنس المثلي لا يجبر الآبي عليها وهو خلاف النص ا هـ ( قوله سوى رقيق غير المغنم ) لأن رقيق المغنم يقسم بالاتفاق ، ورقيق غير المغنم لا يقسم بطلب أحدهم ولو كان إماء خلصا أو عبيدا خلصا عند أبي حنيفة . والفرق له بين الرقيق وغيره من متحد الجنس فحش تفاوت المعاني الباطنة كالذهن والكياسة ، وبين الغانمين وغيرهم تعلق حق الغانمين بالمالية دون العين ، حتى كان للإمام بيع الغنائم وقسم ثمنها زيلعي

( قوله على أن المبادلة إلخ ) ترق في الجواب : أي وإن نظرنا إلى ما فيها من معنى المبادلة فلا منافاة أيضا لأن المبادلة إلخ ، وهذه مبادلة تعلق فيها حق الغير لأن الطالب للقسمة يريد الاختصاص بملكه ومنع غيره عن الانتفاع به فيجري الجبر فيها أيضا ( قوله وينصب قاسم ) أي ندب للقاضي أو للإمام نصبه ملتقى وشرحه ( قوله يرزق من بيت المال ) أي المعد لمال الخراج وغيره مما أخذ من الكفار [ ص: 256 ] كالجزية وصدقة بنى تغلب فلا يرزق من بيوت الأموال الثلاثة الباقية كبيت مال الزكاة وغيره إلا بطريق القرض قهستاني ( قوله غلط ) لمناقضته لما بعده إن عاد ضمير هو إلى قوله بلا أجر ، وإن عاد إلى النصب فلمخالفته لقول الملتقى وغيره ندب تأمل ( قوله لأنها ليست بقضاء حقيقة إلخ ) قال في العناية : ويجوز للقاضي أن يقسم بنفسه بأجر ، لكن الأولى أن لا يأخذ لأن القسمة ليست بقضاء على الحقيقة حتى لا يفترض على القاضي مباشرتها ، وإنما الذي يفترض عليه جبر الآبي على القسمة إلا أن لها شبها بالقضاء من حيث إنها تستفاد بولاية القضاء ، فإن الأجنبي لا يقدر على الجبر ، فمن حيث إنها ليست بقضاء جاز أخذ الأجر عليها ، ومن حيث إنها تشبه القضاء يستحب عدم الأخذ ا هـ ومثله في النهاية والكفاية والمعراج والتبيين : وفي الدرر ما يخالفه ، فإنه ذكر أن الأصح أن القسمة من جنس عمل القضاة . ثم قال : فإن باشرها القاضي بنفسه ، فعلى رواية كونها من جنس عمل القضاة لا يجوز له الأخذ وعلى رواية عدم كونها منه جاز ا هـ ومقتضاه ترجيح عدم الجواز ، ونقله في الدر المنتقى عن الخلاصة والوهبانية قال : وأقره القهستاني وغيره ا هـ . قلت : لكن المتون على الأول تأمل .

هذا ، وظاهر كلامهم أنه لا فرق بين كون القاسم القاضي أو منصوبه فلذا قال الشارح فجاز له : أي للقاضي كما في المنح مع أن الكلام في منصوبه تأمل ( قوله مطلقا ) أي سواء تساووا في الأنصباء أم لا ، وسواء طلبوا جميعا أو أحدهم . قال في الهداية : وعنه أنه على الطالب دون الممتنع لنفعه ومضرة الممتنع ( قوله خلافا لهما ) حيث قالا الأجر على قدر الأنصباء لأنه مؤنة الملك وله أن الأجر مقابل بالتمييز وهو قد يصعب في القليل وقد ينعكس فتعذر اعتباره فاعتبر أصل التمييز ابن كمال ( قوله قيد بالقاسم ) أي في قوله وينصب قاسم أو هو على تقدير مضاف : أي بأجر القاسم الذي عاد عليه الضمير في قوله وهو على عدد الرءوس وهذا أنسب بما بعده تأمل ( قوله وغيرها ) كأجرة بناء الحائط المشترك أو تطيين السطح أو كري النهر أو إصلاح القناة لأنها مقابلة بنقل التراب أو الماء والطين وذلك يتفاوت بالقلة والكثرة ، أما التمييز فيقع لهما بعمل واحد معراج ( قوله زاد في الملتقى ) أي بعد قوله إجماعا ( قوله إن لم يكن ) أي الكيل أو الوزن للقسمة بل كان للتقدير . قال الشارح بأن اشتريا مكيلا أو موزونا وأمرا إنسانا بكيله ليعلما قدره ، فالأجر بقدر السهام ا هـ ( قوله لكن ذكره في الهداية ) أي ذكر هذا التفصيل بلفظ قيل فأشعر بضعفه ، بل صرح بعده بنفيه حيث قال ولا يفصل . قال الأتقاني : يعني لا تفصيل في أجرة الكيل والوزن بل هي بقدر الأنصباء ا هـ . وفي المعراج عن المبسوط والأصح الإطلاق

( قوله وتمامه إلخ ) أي تمام هذا الكلام ، وهو بيان الفرق لأبي حنيفة بينه وبين القسام بأن الأجر هنا على الأنصباء وإن كان الكيل للقسمة للتفاوت في العمل ، لأن عمله لصاحب الكثير أكثر فكان أصعب والأجر بقدر العمل بخلاف القسام




الخدمات العلمية