الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) كره ( قوله في دعائه بمقعد العز من عرشك ) [ ص: 396 ] ولو بتقديم العين وعن أبي يوسف لا بأس به وبه أخذ أبو الليث للأثر والأحوط الامتناع لكونه خبر واحد فيما يخالف القطعي إذ المتشابه إنما يثبت بالقطعي هداية وفي التتارخانية معزيا للمنتقى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالى - { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } - قال وكذا لا يصلي أحد على أحد [ ص: 397 ] إلا على النبي صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


( قوله بمعقد العز ) بكسر القاف شلبي قال في المغرب : معقد العز موضع عقده ا هـ وإنما كره لأنه يوهم تعلق عزه بالعرش والعرش حادث ، وما يتعلق به يكون حادثا ضرورة والله تعالى متعال عن تعلق عزه بالحادث سبحانه ، بل عزه قديم لأنه صفته ، وجميع صفاته قديمة قائمة بذاته لم يزل موصوفا بها في الأزل ، ولا يزال في الأبد ولم يزد شيئا من الكمال لم يكن في الأزل بحدوث العرش وغيره زيلعي .

وحاصله : أنه يوهم تعلق عزه تعالى بالعرش تعلقا خاصا ، وهو أن يكون العرش مبدأ ومنشأ لعزه تعالى كما توهمه كلمة من فإن جميع معانيها ترجع إلى معنى ابتداء الغاية ، وذلك المعنى غير متصور في صفة من صفاته تعالى فإن مؤداه أن صفة العز ناشئة من العرش الحادث ، فتكون حادثة فافهم وبه اندفع ما أورد أن حدوث تعلق الصفة بالحادث لا يوجب حدوثها ، لعدم توقفها عليه كتعلق القدرة ونحوها بالمحدثات كما بسطه الطوري ووجه الاندفاع أن مجرد إيهام المعنى المحال كاف في المنع عن التلفظ بهذا الكلام ، وإن احتمل معنى صحيحا ولذا علل المشايخ بقولهم لأنه يوهم إلخ ونظيره ما قالوا في أنا مؤمن إن شاء الله ، فإنهم كرهوا ذلك ، وإن قصد التبرك دون التعليق لما فيه من الإيهام كما قرره العلامة التفتازاني في شرح العقائد وابن الهمام في المسايرة ، وعلى هذا يمنع عن هذا اللفظ ، وإن أريد بالعز عز العرش الذي هو صفة له ، لأن المتبادر أن المراد عز الله تعالى فيشكل قول الزيلعي ، ولو جعل العز صفة للعرش كان جائزا لأن العرش موصوف في القرآن بالمجد والكرم ، فكذا بالعز ولا يشك أحد أنه موضع الهيبة وإظهار كمال القدرة وإن كان الله تعالى مستغنيا عنه ا هـ لكن أقره في الدرر والمنح وكذا المقدسي وقال : وعليه تكون من بيانية أي بمعقد العز الذي هو عرشك ، وهذا وجه وجيه لما اختاره [ ص: 396 ] الفقيه ا هـ فليتأمل .

( قوله ولو بتقديم العين ) ظاهره أن الذي في المتن بتقديم القاف ، وهو الذي في أغلب نسخ الشرح وفي بعضها بتقديم العين ، وهو الذي شرح عليه في المنح ، وهو الأولى لموافقته للمتون ، و لأنه موضع الخلاف ولذا قال في الهداية ولا ريب في امتناع الثاني لأنه من العقود ( قوله للأثر ) وما روي أنه كان من دعائه صلى الله عليه وسلم " { اللهم إني أسألك بمعقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامة } ، زيلعي ( قوله والأحوط الامتناع ) وعزاه في النهاية إلى شرح الجامع الصغير لقاضي خان والتمرتاشي والمحبوبي وفي الفصل الثالث عشر من آخر الحلية شرح المنية للمحقق ابن أمير حاج قال بعدما تكلم على هذا الأثر وسنده وأنه عده ابن الجوزي في الموضوعات : قد عرفت أن هذا الأثر ليس بثابت فالحق أن مثله لا ينبغي أن يطلق إلا بنص قطعي أو بإجماع قوي ، وكلاهما منتف فالوجه المنع ، وتحمل الكراهة المذكورة على كراهة التحريم وتمامه فيه ( قوله فيما يخالف القطعي ) وهو تنزيه الحق تعالى عن مثله ط ( قوله إذ المتشابه ) الأولى أن يقول والمتشابه أي الذي هو كهذا الدعاء أي مما كان ظاهره محالا على الله تعالى ( قوله هداية ) أقول : العبارة المذكورة لصاحب المنح ، وأما عبارة الهداية فنصها ، ولكنا نقول هذا خبر واحد فكان الاحتياط في الامتناع ا هـ .

[ تنبيه ]

لينظر في أنه يقال مثل ذلك في نحو ما يؤثر من الصلوات مثل : اللهم صل على محمد عدد علمك وحلمك ، ومنتهى رحمتك ، وعدد كلماتك ، وعدد كمال الله ونحو ذلك فإنه يوهم تعدد الصفة الواحدة أو انتهاء متعلقات نحو العلم ولا سيما مثل عدد ما أحاط به علمك ، ووسعه سمعك وعدد كلماتك إذ لا منتهى لعلمه ولا لرحمته ولا لكلماته تعالى ولفظة عدد ونحوها توهم خلاف ذلك ، ورأيت في شرح العلامة الفاسي على دلائل الخيرات البحث في ذلك فقال : وقد اختلف العلماء في جواز إطلاق الموهم عند من لا يتوهم به أو كان سهل التأويل واضح المحمل أو تخصيص بطرق الاستعمال في معنى صحيح ، وقد اختار جماعة من العلماء كيفيات في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا إنها أفضل الكيفيات منهم الشيخ عفيف الدين اليافعي والشرف البارزي والبهاء ابن القطان ونقله عنه تلميذه المقدسي ا هـ .

أقول : ومقتضى كلام أئمتنا المنع من ذلك إلا فيما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما اختاره الفقيه فتأمل والله أعلم .

( قوله إلا به ) أي بذاته وصفاته وأسمائه ( قوله { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } ) قال الحافظ أبو بكر بن العربي عن بعضهم إن لله تعالى ألف اسم قال ابن العربي وهذا قليل فيها وفي الحديث الصحيح : " { إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة } " قال النووي في شرح مسلم : واتفق العلماء على أنه ليس فيه حصر فيها ، وإنما المراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها .

واختلفوا في المراد بإحصائها فقال البخاري وغيره من المحققين معناه : حفظها وهذا هو الأظهر لأنه جاء مفسرا في الرواية الأخرى من حفظها وقيل عدها في الدعاء ، وقيل أحسن المراعاة لها والمحافظة على ما تقتضيه بمعانيها وقيل غير ذلك والصحيح الأول ا هـ ملخصا ( قوله وكذا لا يصلي أحد على أحد ) أي استقلالا أما تبعا كقوله : اللهم صل على محمد وعلى آله وأصحابه جاز خانية ، والمراد غير الملائكة ، أما هم فيجوز عليهم استقلالا [ ص: 397 ] قال في الغرائب : والسلام يجزي عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ط وفي خطبة شرح البيري : فمن صلى على غيرهم أثم ويكره وهو الصحيح . وفي المستصفى وحديث " { صلى الله على آل أبي أوفى } " الصلاة حقه ، فله أن يصلي على غيره ابتداء أما الغير فلا ا هـ وسيأتي تمام الكلام على ذلك آخر الكتاب ( قوله إلا على النبي ) أل للجنس ، والمناسب زيادة الملائكة ط




الخدمات العلمية