الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن حوادث الروم : وصي زيد باع ضيعة من تركته لدين على أنها ملكه ثم ظهر أن بعضها وقف مسجد هل يصح البيع في الباقي؟ أجاب فريق بنعم وفريق بلا ، وألف بعضهم رسالة ملخصها ترجيح الأول فتأمل .

وفي جواهر الفتاوى : آجر ضيعة وقفا ثلاث سنين وكتب في الصك أنه أجر ثلاثين عقدا كل عقد عقيب الآخر لا تصح الإجارة وهو الصحيح وعليه الفتوى صيانة للأوقاف .

ثم قال : ولو قضى قاض بصحتها تجوز ويرتفع الخلاف ا هـ .

قلت : وسيجيء أن المتولي والوصي لو آجر بدون أجرة يلزم المستأجر تمام أجر المثل وأنه يعمل بالأنفع للوقف .

وفي صلح الخانية متى فسد العقد في البعض بمفسد مقارن يفسد في الكل .

التالي السابق


( قوله ومن حوادث الروم إلخ ) تقوية أخرى ، فإن البيع أقوى من الإجارة ، وقد صدر في الملك والوقف بعقد واحد ، وصح في الملك ط ( قوله لدين ) أي على زيد الميت ( قوله على أنها ملكه ) أي بناء على أنها كلها كانت ملك زيد الميت ( قوله ملخصها ترجيح الأول ) قدمنا عن النهر في باب البيع الفاسد عند قوله بخلاف بيع قن ضم إلى مدبر ما يؤيده ( قوله فتأمل ) أشار به إلى أن الإجارة تصح فيما عدا الزائد كذلك بل أولى لما مر ( قوله وفي جواهر الفتاوى إلخ ) يحتمل أن يكون تأييدا رابعا بقوله ولو قضى قاض بصحتها يجوز ، فإنه يفيد أنه مثل الجمع بين العبد والمدبر لا الحر والعبد فيكون تأييدا للتأييد الأول .

والظاهر أنه شروع في تأييد ما اختاره المصنف حيث أطلق عدم الصحة فشملت العقود كلها مع أن العقد الأول ناجز ، وظاهر كلامه عدم صحته أيضا .

ووجهه كما في الولوالجية أن هذا العقد عقد واحد صورة وإن كان عقودا من حيث المعنى بعضها ينعقد في الحال وبعضها مضاف إلى الزمان المستقبل ا هـ . ( قوله ثلاث سنين ) صوابه ثلاثين سنة كما هو في المنح وغيرها ، ووجدته كذلك في بعض النسخ مصلحا ( قوله صيانة للأوقاف ) أي من أن يدعي المستأجر ملكيتها لطول المدة وإلا فالوجه يقتضي صحة العقد الأول ; لأنه ناجز وما بعده مضاف ، وفي لزومه تصحيحان كما قدمناه ، ولكن اعتبر عقدا واحدا كما مر لأجل ولهذا قدرها المتأخرون بالسنة أو الثلاث مخالفين لمذهب المتقدمين ( قوله ولو قضى قاض إلخ ) أي مستوفيا شرائط القضاء ولكن هذا في غير القاضي الحنفي ، أما قضاة زماننا الحنفية المأمورون بالحكم بمعتمد المذهب فلا تصح ( قوله قلت وسيجيء ) أي في أواخر هذا الباب هذا تأييد أيضا لما رجحه المصنف .

ووجهه أنه حيث اختلفت الآراء في سراية الفساد وعدمها يرجح ما هو الأنفع للوقف وهو السريان لئلا يقدم مرة أخرى على هذا العقد ( قوله وفي صلح الخانية ) ذكره [ ص: 10 ] المصنف في المنح تأييدا لما رجحه ، ولكن ما في الخانية ذكره في صلح الزوجة عن نصيبها على أن يكون نصيبها من الدين للورثة وفي شمول ذلك لمسألتنا تأمل ، إذ قد مر أنهم جعلوها من الفساد الطارئ وما في الخانية في الفساد المقارن ، نعم ما نقلناه سابقا عن الخانية من قوله والظاهر هو الفساد في الكل يفيد ترجيحه ، وحيث علمت ما مر عن جواهر الفتاوى أنها لا تصح الإجارة الطويلة إذا كانت عقودا مع أن العقد الأول ناجز ، فما ظنك فيما إذا كانت بعقد واحد لفظا ومعنى ; فالظاهر اعتماد ما رجحه المصنف من كلام قارئ الهداية ، فإن له سندا قويا وهو ما في الخانية وجواهر الفتاوى ، هذا ما ظهر للفهم القاصر ، والله تعالى أعلم




الخدمات العلمية