الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن ) كان ( لعمله أثر في العين كالصباغ والقصار حبسها لأجل الأجر ) وهل المراد بالأثر عين مملوكة للعامل كالنشاء والغراء أم مجرد ما يعاين ويرى ؟ قولان أصحهما الثاني فغاسل الثوب وكاسر الفستق والحطب [ ص: 18 ] والطحان والخياط والخفاف وحالق رأس العبد لهم حبس العين بالأجر على الأصح مجتبى ، وهذا ( إذا كان حالا أما إذا كان ) الأجر ( مؤجلا فلا ) يملك حبسها كعمله في بيت المستأجر بتسليمه حكما وتضمن بالتعدي ولو في بيت المستأجر غاية ( فإن حبس فضاع فلا أجر ولا ضمان ) لعدم التعدي .

التالي السابق


( قوله حبسها ) فعل ماض أو مصدر مبتدأ ثان وخبره محذوف : أي له والجملة خبر من .

بقي هنا إشكال ، وهو أنه إنما يستحق المطالبة بعد التسليم كما مر فإذا حبس فلا تسليم فلا مطالبة .

ويمكن دفعه بأن قوله فيما مر له الطلب إذا فرغ وسلم مفهومه معطل بالمنطوق هنا سائحاني ، لكن يرد عليه أنه حينئذ لا فائدة لذكر التسليم ، وقد قالوا لا يجب الأجر إلا بالتسليم ، فلو هلك في يده قبله سقط ; لأنه لم يسلم المعقود عليه وهو أثر العمل ، بخلاف ما لا أثر له فإن الأجر يجب كما فرغ ، ولا يمكن حمله على الحبس بعد التسليم بمعنى أن له الاسترداد لقوله الآتي : فإن حبس فضاع فلا أجر مع أن بالتسليم وجب على أنه بعد التسليم الحكمي كعمله في بيت المستأجر ليس له الحبس كما سيذكره فكيف بعد الحقيقي ، والظاهر أن فائدته عدم الضمان فقط ، إذ لو لم يكن له الحبس لضمن بالضياع بعده فليتأمل . ( قوله أصحهما الثاني ) وكذا صححه في غرر الأفكار وغاية البيان تبعا لقاضي خان قال في البحر : وصحح النسفي في مستصفاه معزيا إلى الذخيرة الأول فاختلف التصحيح ، وينبغي [ ص: 18 ] ترجيحه وقد جزم به في الهداية بقوله وغسل الثوب نظير الحمل ا هـ



. ( قوله والخياط والخفاف ) هذا ظاهر على القول بأن الخيط على رب الثوب في عرف صاحب الظهيرية ، وأما على عرف من قبله وهو عرفنا الآن من أنه على الخياط فلا يظهر ; لأن الخيط كالصبغ سائحاني ( قوله بالأجر ) الباء للسببية أو للتعليل ( قوله لتسليمه حكما ) لكون البيت في يده وهو كالتسليم الحقيقي فلا يملك الحبس بعده . ( قوله فإن حبس ) أي فيما إذا كان الأجر حالا . ( قوله لعدم التعدي ) فبقي أمانة كما كان ، وهذا علة لعدم الضمان ، وعلة عدم الأجر هلاك المعقود عليه قبل التسليم




الخدمات العلمية