الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو أذن الراهن للمرتهن في أكل الزوائد ) أي أكل زوائد الرهن بأن قال له مهما زاد فكله ( فأكلها ) ظاهره يعم أكل ثمنها ، وبه أفتى المصنف .

قال : إلا أن يوجد نقل يخصص حقيقة الأكل فيتبع ( فلا ضمان عليه ) أي على المرتهن ، لأنه أتلفه بإذن المالك والإطلاق يجوز تعليقه بالشرط والخطر ، بخلاف التمليك ( ولا يسقط شيء من الدين ) قال في الجواهر : رجل رهن دارا وأباح السكنى للمرتهن فوقع بسكناه خلل وخرب البعض لا يسقط شيء من الدين لأنه لما أباح له السكنى أخذ حكم العارية ، حتى لو أراد منعه كان له ذلك .

وفي المضمرات : ولو رهن شاة فقال له الراهن كل ولدها واشرب لبنها فلا ضمان عليه ، وكذا لو أذن له في ثمرة البستان فصار أكله كأكل الراهن ثم نقل عن التهذيب أنه يكره للمرتهن أن ينتفع بالرهن وإن أذن له الراهن .

قال المصنف : وعليه يحمل ما عن محمد بن أسلم من أنه لا يحل للمرتهن ذلك ولو بالإذن لأنه ربا . - [ ص: 523 ] قلت : وتعليله يفيد أنها تحريمية فتأمله

التالي السابق


( قوله وبه أفتى المصنف ) حيث سئل عمن رهن نخلا وأباح للمرتهن ثمارها هل يملك أن يبيعها ويتمولها أم يملك الأكل بنفسه فقط ؟ فأجاب : ظاهر كلامهم أن له التصرف مطلقا إذ الظاهر أن المراد من قولهم فأكلها أكلها أو أكل ثمنها إلا أن يوجد نقل صريح بتخصيص الأكل دون غيره ا هـ من حاشية الحموي ملخصا .

وأورد عليه أن المعنى الحقيقي هو الظاهر ، ومدعي الأعمية محتاج إلى الدليل .

قلت : وسيذكر الشارح عن الجواهر : ولو أباح له نفعه ليس له أن يؤجره تأمل .

وقال السائحاني : أقول ظاهره أن أكل الزوائد المأكولة إنما هو أكل نفسها لا أكل بدلها وهذا أمر مكشوف لكل أحد بالبديهة ا هـ نعم يظهر ذلك إذا كانت مما لا يؤكل كما ذكره الرحمتي ( قوله لأنه أتلفه بإذن المالك ) فيه إشارة إلى أنه لو أتلفه بغير إذنه ضمن وكانت القيمة رهنا مع الشاة ، وكذا لو فعل الراهن ذلك بدون إجازة المرتهن عناية ( قوله والإطلاق ) أي الإباحة ا هـ ح ( قوله يجوز تعليقه ) لأنه ليس بتمليك إتقاني ( قوله بالشرط ) وهو قوله هنا مهما زاد فكله ( قوله والخطر ) بالخاء المعجمة والطاء المهملة : الإشراف على الهلاك كما في القاموس والمغرب ، والمراد به هنا ما احتمل الوجود والعدم فهو بمعنى الشرط تأمل . ( قوله وعليه يحمل إلخ ) بأن يراد من نفي الحل الكراهة ( قوله ما عن محمد بن أسلم ) الذي في المنح أول كتاب الرهن عبد الله بن محمد بن مسلم ا هـ ح . [ ص: 523 ]

أقول : ما قدمناه عن المنح هناك ومثله في غيرها موافق لما هنا ولعل النسخ مختلفة ( قوله قلت إلخ ) ظاهره تسليم القول بالكراهة مع الإذن وأنه ربا ، ومقتضاه أنه مضمون ، لكن قدمنا عن المنح أول الرهن أنه مخالف لعامة المعتبرات ، وتقدم بيان ذلك كله مستوفى فراجعه .




الخدمات العلمية