الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فيقتل الحر بالحر وبالعبد ) غير الوقف كما مر خلافا للشافعي . ولنا إطلاق قوله تعالى { - أن النفس بالنفس - } فإنه ناسخ { - الحر بالحر - } الآية كما رواه السيوطي في الدر المنثور عن النحاس عن ابن عباس : على أنه تخصيص بالذكر فلا ينفي ما عداه . كيف ولو دل لوجب أن لا يقتل الذكر بالأنثى ولا قائل به . قيل ولا الحر بالعبد ورد بدخوله بالأولى : ولأبي الفتح البستي نظما قوله : خذوا بدمي هذا الغزال فإنه رماني بسهمي مقلتيه على عمد     ولا تقتلوه إنني أنا عبده
ولم أر حرا قط يقتل بالعبد فأجابه بعض الحنفية رادا عليه بقوله :     خذوا بدمي من رام قتلي بلحظه
ولم يخش بطش الله في قاتل العمد     وقودوا به جبرا وإن كنت عبده
ليعلم أن الحر يقتل بالعبد

التالي السابق


( قوله خلافا للشافعي ) فعنده لا يقتل الحر بالعبد ( قوله أن النفس ) بفتح الهمزة ; لأنه معمول { - وكتبنا عليهم فيها - } ( قوله على أنه تخصيص بالذكر إلخ ) الاقتصار في الآية على الحر وهو بعض ما شمله قوله تعالى { - أن النفس بالنفس - } لا يقتضي نفي الحكم عن العبد فهو كالمقابلة في قوله تعالى { - والأنثى بالأنثى - } ولم يمنع قتل الذكر بالأنثى . قال الزيلعي : وفي مقابلة الأنثى بالأنثى دليل على جريان القصاص بين الحرة والأمة ( قوله قيل ولا الحر بالعبد ) صوابه ولا العبد بالحر كما هو في المنح ا هـ ح ، يعني أنه قيل في الإيراد على الشافعي : لو دل قوله تعالى { - الحر بالحر والعبد بالعبد - } على أن الحر لا يقتل بالعبد للتخصيص بالذكر لوجب أن لا يقتل العبد بالحر ( قوله ورد ) أي هذا القيل ; لأنه إذا قتل الحر بالحر بعبارة النص يقتل العبد به بدلالة الأولى ; لأنه دونه كما دلت حرمة التأفيف على حرمة الضرب وأصل الإيراد لصدر الشريعة والراد عليه منلا خسرو وابن الكمال ( قوله ولأبي الفتح إلخ ) ساقط من بعض النسخ ( قوله خذوا بدمي إلخ ) لا يخفى ما فيه من عدم صدق المحبة ( قوله ولا تقتلوه إلخ ) فيه منافاة لما قبله فإن الأخذ بالدم يقتضي القتل ولا يصح أن يحمل على الدية ; لأن العبد لا تجب ديته على مولاه ط ( قوله ولم أر حرا قط يقتل بالعبد ) في بعض النسخ وفي مذهبي لا يقتل الحر بالعبد ( قوله ليعلم إلخ ) فيه أن الحر لا يقتل بعبد نفسه فإن أراد عبد غيره لا يناسب قوله وإن كنت عبده ا هـ ح . [ ص: 534 ] أقول : المراد إظهار الحكم بأسلوب لطيف ، فلا يدقق عليه بمثل ذلك وإلا لزم أن يعترض بأنه قال من رام ولم يصرح بالقتل ، وبأن القتل بمجرد اللحظ لا يقاد به إذ لا يصدق عليه تعريف العمد ، وقد نظمت ذلك خاليا عن الطعن مع الأدب ومراعاة ما للحبيب على من أحب فقلت :

دعوا من برمح القد قد قد مهجتي وصارم لحظ سله لي على عمد فلا قود في قتل مولى لعبده
وإن كان شرعا يقتل الحر بالعبد






الخدمات العلمية