الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) فسد ( إن ) كاتبه ( على خمر وخنزير ) لعدم ماليته في حق المسلم ، فلو كانا ذميين جاز ( أو على قيمته ) أي قيمة نفس العبد لجهالة القدر ( أو على عين ) معينة ( لغيره ) لعجزه عن تسليم ملك الغير ( أو على مائة دينار ليرد سيده عليه [ ص: 101 ] وصيفا ) غير معين لجهالة القدر ( فهو ) أي عقد الكتابة ( فاسد ) في الكل لما ذكرنا ( فإن أدى ) المكاتب ( الخمر عتق ) بالأداء ( وكذا الخنزير ) لماليتهما في الجملة ( وسعى في قيمته ) بالغة ما بلغت ، يعني قبل أن يترافعا للقاضي ابن كمال ( و ) اعلم أنه متى سمي مالا وفسدت الكتابة بوجه من الوجوه ( لم ينقص من المسمى بل يزاد عليه )

التالي السابق


( قوله وفسد إن كاتبه ) لا معنى لتقدير فسد كما لا يخفى أي للاستغناء عنه بقول المصنف بعد فهو فاسد ، وسيأتي في باب موت المكاتب أن في الفاسدة للمولى الفسخ بلا رضاه ، بخلاف الجائزة وأن المكاتب يستقل بالفسخ مطلقا ( قوله فلو كانا ذميين جاز ) أفاد أنه لو كان أحدهما مسلما لا يجوز للعلة المذكورة ( قوله أو على قيمته ) كان ينبغي ذكره قبل الخمر والخنزير لئلا يوهم عود الضمير على الخنزير وإن صح عوده على الخمر

( قوله لجهالة القدر ) أي باختلاف التقويم ، لكن يعتق بأداء القيمة وتثبت بتصادقهما ، وإلا فإن اتفق اثنان على شيء فهو القيمة وإلا فيعتق بأداء الأقصى قهستاني ( قوله معينة ) أي تتعين بالتعيين كالثوب والعبد ونحوهما من المكيل والموزون غير النقدين ، حتى لو كاتب على دراهم أو دنانير بعينها وهي لغيره يجوز منح ( قوله لغيره ) فلو كاتبه على عين في يد [ ص: 101 ] العبد من جملة كسبه فيه روايتان . وفي الأتقاني عن شرح الكافي : والصحيح أنه يجوز وإذا أدى يعتق ( قوله وصيفا ) هو الغلام وجمعه وصفاء والجارية وصيفة وجمعها وصائف مغرب ( قوله غير معين ) هذا عندهما خلافا لأبي يوسف فلو معينا جازت بالاتفاق كما في غاية البيان ( قوله لما ذكرنا ) أي من العلل الأربع ح ( قوله فإن أدى الخمر عتق ) لم يبين حكم العتق في باقي الصور الفاسدة ، وقدمنا أنه يعتق بأداء قيمته إذا كاتبه عليها لأنها معلومة من وجه ، وتصير معلومة من كل وجه عند الأداء . وإذا كاتبه على عين لغيره ، ففي العناية لم ينعقد العقد في ظاهر الرواية إلا إذا قال إن أديت إلي فأنت حر فحينئذ يعتق بحكم الشرط ا هـ ، فهذا يفيد أنه باطل لا فاسد . وأما مسألة الوصيف فظاهر كلام الزيلعي أنه باطل شرنبلالية ملخصا ، فالمراد بالفاسد هنا ما يعم الباطل كما في العزمية ( قوله بالأداء ) أي أداء عين الخمر والخنزير ، سواء قال إن أديت فأنت حر أو لا لأنهما مال في الجملة بخلاف الميتة والدم فلم ينعقد العقد أصلا ، فاعتبر فيهما معنى الشرط لا غير وذلك بالتعليق صريحا ، وتمامه في المنح ( قوله وسعى في قيمته ) أي قيمة نفسه ( قوله يعني قبل أن يترافعا ) تقييد لقوله فإن أدى لا لقوله عتق لانفهامه من قوله بالأداء . قال في الكفاية وفي المبسوط : فإن أداه قبل أن يترافعا إلى القاضي وقد قال له أنت حر إذا أديته أو لم يقل فإنه يعتق ا هـ فافهم ( قوله واعلم إلخ ) قال الزاهدي في شرحه : فإن قلت : قوله ولم ينقص من المسمى ويزاد عليه لا يتصور في الكتابة بالقيمة ، ولا بالخمر والخنزير لأنه لا يجب المسمى فلا يتصور النقصان والزيادة عليه .

قلت : قد تأملت في الجواب عنه زمانا وفتشت الشروح وباحثت الأصحاب فلم يغنني ذلك منه شيئا حتى ظفرت بما ظفر الإمام ركن الأئمة الصباغي في شرحه فقال : وهذا إذا سمي مالا وفسدت الكتابة بوجه من الوجوه لا ينقص من المسمى ويزاد عليه . والحاصل أن هذه الصورة مستأنفة غير متصلة بالأول وهذا كمن كاتب عبده على ألف رطل من خمر ، فإذا أدى ذلك عتق عليه سواء قال إذا أديت إلي ألفا فأنت حر أو لم يقل ، وتجب عليه الزيادة إن كانت القيمة أكثر وإن كانت قيمته أقل من الألف لا يسترد الفضل عندنا ا هـ فقد رمز الشارح إلى هذا ( قوله لم ينقص إلخ ) لأن المولى لم يرض أن يعتقه بأقل مما سمي فلا ينقص منه إن نقصت قيمته عنه والعبد يرضى بالزيادة حتى ينال شرف الحرية فيزاد عليه إذا زادت قيمته زيلعي




الخدمات العلمية