الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وعلى سائق دابة وقع أداتها ) أي آلاتها كسرج ونحوه ( على رجل فمات وقائد قطار ) بالكسر قطار الإبل ( وطئ بعير منه رجلا الدية وإن كان معه سائق ضمنا ) لاستوائهما في التسبب ، لكن ضمان النفس على العاقلة وضمان المال في ماله هذا لو السائق من جانب من الإبل فلو توسطها وأخذ بزمام واحد ضمن ما خلفه وضمنا ما قدامه [ ص: 607 ] وراكب وسطها يضمنه فقط ما لم يأخذ بزمام ما خلفه ( فإن قتل بعير ربط على قطار سائر بلا علم قائده رجلا ) مفعول قتل ( ضمن عاقلة القائد الدية رجعوا بها على عاقلة الرابط ) لأنه دية لا خسران كما توهمه صدر الشريعة فلو ربط والقطار واقف ضمنها عاقلة القائد بلا رجوع لقوده بلا إذن .

التالي السابق


( قوله وعلى سائق دابة ) خبر مبتدؤه قوله الآتي الدية ، وإنما وجبت عليه لأنه متعد في التسبب ، لأن الوقوع بتقصير منه ، وهو ترك الشد والإحكام فيه فصار كأنه ألقاه بيده كما في الدرر ط فهو كوقوع ما حمله على عاتقه ، بخلاف الرداء الملبوس إذا سقط وكان مما يلبسه الإنسان عادة لأنه لا يمكن الاحتراز عنه إذ لا بد منه كما مر في باب ما يحدثه الرجل في الطريق أتقاني ( قوله وقائد قطار ) إنما ضمن لأنه بيده يسير بسوقه ، ويقف بإيقافه فيضاف إليه ما حدث منه لتسببه ، فيصير في الحكم كأنه قتله خطأ فتجب على عاقلته ديته

قال الفقيه أبو الليث في شرح الجامع : لو قاد أعمى فوطئ الأعمى إنسانا فقتله ينبغي أن لا يضمن القائد لأن الأعمى من أهل الضمان ، ففعله ينسب إليه وفعل العجماء جبار لا عبرة له في حكم نفسه فينسب إلى القائد أتقاني ملخصا ( قوله قطار الإبل ) قال في المغرب : القطار الإبل تقطر على نسق واحد والجمع قطر ا هـ أي ككتب ( قوله الدية ) أي إذا كان المتلف غير مال وكان الموجب كأرش الموضحة فما فوقها كما مر مرارا مكي ا هـ ط ( قوله هذا لو السائق من جانب من الإبل ) أي في الوسط يمشي في جانب القطار لا يتقدم ولا يتأخر ولا يأخذ بزمام بعير معراج . [ ص: 607 ] وقال الأتقاني : وهذا أي وجوب الضمان على السائق والقائد جميعا إذا كان السائق يسوق الإبل غير آخذ بزمام بعير ، أما إذا أخذ الزمام ، فالضمان عليه فيما هلك خلفه لا على القائد المتقدم لأنه لما انقطع الزمام عن القطار لم يكن القائد المقدم قائدا لما خلف السائق ، وأما فيما هلك قدام السائق فيضمنه السائق ، والقائد جميعا لاشتراكهما في سبب وجوب الضمان ، لأن كل واحد منهما مقرب إلى الجناية هذا بسوقه وذاك بقوده ( قوله وراكب وسطها يضمنه ) أي لو كان راكبا على بعير وسط القطار ، ولا يسوق شيئا منها يضمن ما ركبه أي ما أصابه بعيره بالإيطاء لأنه جعل فيه مباشرا ، أما ما أصابه بغير الإيطاء ، فهو عليه وعلى القائد أفاده الزيلعي .

قلت : وهو مبني على ما صححه سابقا ، وقد علمت ما فيه ، وجعل في النهاية والكفاية الضمان عليهما بلا تفصيل وهو مؤيد لما قدمناه من الكلام على التصحيح ( قوله فقط ) أي لا يضمن ما قدامه : لأنه غير سائق له ، ولا ما خلفه لأنه غير قائد إلا إذا أخذ بزمام ما خلفه زيلعي ، وهذا قول بعض المتأخرين ، وأما غيره فاكتفي بكون زمام ما خلفه مربوطا ببعيره كما بسطه في النهاية وغيرها ( قوله بلا علم قائده ) متعلق بربط ، وقيد به ليبني عليه قوله ورجعوا بها إلخ لأنه إذا علم لا رجوع لهم كفاية ( قوله ضمن عاقلته الدية ) لأنه متسبب متعد بترك صون قطاره عن الربط ورجعوا على عاقلة الرابط لأنه أوقعهم فيه ( قوله كما توهمه صدر الشريعة ) حيث قال : ينبغي أن يكون في مال الرابط ، لأن الرابط أوقعهم في خسران المال وهذا مما لا تتحمله العاقلة ا هـ ح ( قوله والقطار واقف ) محترز قوله سائر ( قوله لقوده بلا إذن ) أي بلا إذن الرابط ، أما في الأولى فإنه لما ربطه والقطار سائر وجد من الرابط الإذن دلالة بقود المربوط ، فلذا رجعوا على عاقلته لأنه صار سببا كفاية




الخدمات العلمية