الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      - بين الحاجة والوسيلة:

      توجد حاجة فيسدها الصانع بوسيلة، إلا أن الجديد أن توجد وسيلـة أولا ثم تخترع لها الحاجة.

      بالمثل توجد وظيفة ثم يجري البحث عن شاغل مناسب يشغلها؛ في العالم الثالث يوجد إنسان فتنشأ له وظيفة كي يشغلها...

      أدوات الزينة للنساء تعددت وتنوعت، ومع (فن الإعلان) راجت وكثرت، ومثل ذلك الملابس، ونوع البناء للبيوت والمحلات، كانت متطابقة مع البيئة، [ ص: 152 ] (فالطين) مثلا بارد صيفا، دافئ شتاء، استبعد لتحل مكانه (الخرسانة) الباردة شتاء الحارة صيفا، فتطلب الأمر (التكييف)... كان الطعـام يتناسب نوعا وكما مع البيئة، تغيرت القاعدة فجاءت السمنة وتكدست (الدهون) فاخترنا (الرجيم).. كانت البيوت والمساكن قليلة الطوابق والأدوار، فلم يحتج الناس للمصاعد أو رفع الماء، فلما كثرت الأدوار احتاج الناس للمصاعد والكهرباء لرفع الماء... يذهب الإنسان للبقالة فيشتري حاجته ويعود مسرعا، اخترعنا (السوبر ماركت) فصار الداخل يشتري ما يرى مما يحتاج وما لا يحتاج... كان الناس يطبخون قليلا ويتناولونه، فصاروا يكثرون من المطبوخ، فاخترعوا (الثلاجة) لتحفظه، كان الفائض يصل إلى الفقراء، فجاءت الثلاجة لتحرمهم منه.

      كان الإنسان يسافر ماشيـا أو راكبا حيوانا فيجد متعة في السـفر، فلما اخترعت السيارات والطائرات تبخرت هذه المتعة.

      كان لي قريب كبير السن، ذهب للحج وعاد بسرعة، سأله بعض زائريه: كيف كانت رحلتك في الطائرة: أجاب كنت متعبا فلما أخذت مقعدي في الطائرة بمطار جدة نمت، ولم أشعر حتى حطت الطائرة بمطار بغداد، فماذا رأيت!!

      كان الفلاح يزرع الخضروات والفواكه، فنجد لها الطعم والرائحة، واليوم نجدها - طوال العام - بلا طعم ولا نشتاق لها.

      كان الإنسان يتلذذ بأكل اللحوم، حين كانت الحيوانات تعيش بشكل طبيعي، فلما قامت مزارع الدواجن، وحل العلف الصناعي محل الطبيعي، عرفنا جنون البقر، ولحق به أنفلونزا الطيور، والله يستر من القادم الجديد... كان طالب [ ص: 153 ] الأمس يحفظ جدول (الضرب) ويتعلم جمال الخط، واليوم فالآلة الحاسبة أراحته من الحفظ، ووفرة المطبوعات جعلت خطه كخط (الأطباء) لا يحسن قراءته أحد.

      التالي السابق


      الخدمات العلمية