الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      - قضايا في العداوة والصداقة:

      يروى أن أبا جعفر المنصور - وهو من مثقفي خلفاء بني العباس- طرح تساؤلا، حول السقوط العاجل لدولة بني (أمية) قبل أن تكمل قرنا من الزمن؟ يظهر أن الإجابات لم تعجبه، فساق تفسيرا جاء فيه: كان لبني أمية أعداء وأصدقاء، أهملوا الأصدقاء ثقة بمودتهم، وحاولوا كسب الأعداء، وكانت النتيجة أنهم خسروا الأصدقاء ولم يكسبوا الأعداء.

      "كارل شميدت" - الرئيس الألماني السابق- حين كان يدرس في الجامعة طرح (نظرية) ملخصها: "أن السياسة تقوم على التمييز بين العدو والصديق، وأن العدو يجب تدميره لكونه شريرا، سيستخدم قوته لضربنا اقتصاديا، وسيستعمل السياسة بشكل أفضل، فإذا ألحقنا الدين بالسياسة فسنجعل العدو يبدو وكأنه (ضد الرب) وضد الحقيقة، وضد العدل، وهذا يقوي السياسة، وكذلك سيقوي من عزم الأمة على تدمير العدو، لكن هذه النظرة (تنأى) بالسياسة عن الاعتدال والتوسط، وتقودها إلى التعصب والتطرف، وبهذه الطريقة فالنهج (المحافظ الجديد) هو في غاية التطرف، فإقـحام الدين [ ص: 129 ] في السيـاسـة يجعل من الأخيرة أقـل اعتدالا، مما وصل إليه منهج المحافظين التقليدي" [1] .

      الملاحظات الأخيرة للكاتبة الكندية (رجيتا ساسكا أشوان)، ومن تعليقها أن "كارل شميدت" كان عالما ينتمي إلى (اليمين الألماني) المتطرف، ومثله (شتراوس)، ويحمل نفس الفكرة في وجوب التمييز بين الصديق والعدو، ...

      فإذا صرنا نتجاهل الصديق، ونعمل لكسب العدو، فإن مقولة المنصور ستصدق فينا تماما.

      ولعـل الأسوأ من كل ذلك عدم تحديد الصديق من العدو، أو القول: كل من ليس معنا فهو عدونا...

      التالي السابق


      الخدمات العلمية