الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      - علاقتنا بالغرب:

      هناك من أهلـنا من يرفض (الغرب) عـلما ومعـرفـة وحضارة، جملة وتفصيلا، ويعتقد أن الخير كل الخير أن يعيش بعيدا (لا أرى القرد ولا القرد يراني).

      ومن أهلنا من يعشق الغرب، ويعتقد وجوب الأخذ عنه، وما لديه من حلو ومر - كما يقول د. طه حسين - ومن يذهب لأبعد من ذلك، ومن يتوسط بينهما، فيطلب الإفادة والاستفادة من المفيد النافع.

      د. حسن حنفي يرسم هذه (العلاقة) في كتابه (مقدمة في علم الاستغراب) فيقول: تحولت مساحة كبيرة من ثقافتنا المعاصرة إلى (وكالات حضارية للغير) وامتـداد لمذاهبه: اشتراكية، ماركسية، ليبرالية، قومية، [ ص: 132 ] وجودية، وضعية، شخصانية، بنيوية، سريالية، تكعيبية... إلخ، حتى لم يعد أحد قادر على أن يكون مفكرا أو عالما أو فنانا، إذا لم يكن له (مذهب) ينتسب إليه.

      بل وضعنا أنفسنا أطرافا في (معارك) لسنا طرفا فيها، وتفرقنا شيعا وأحزابا، كما تفرق القدماء، لكن فرقتنا هذه المرة لم تكن موقفا من الذات، بل تبعية للآخر، فضاعت (وحدة الثقافة الوطنية)، بينما يبحث الكل عن (أصالة) ضائعة، وليجدها البعض في (الفنون الشعبية)..... وعادة ما يتحول (التغريب الثقافي) إلى موالاة سياسية للغرب، مما يسبب لاحقا ثورة الشعوب الوطنية، تأكيدا للهوية والثقافة الوطنية، وفي جدل مستمر بين (الأنا والآخر)...." [1] .

      لقد تحالفنا مع الغرب - في الحرب العالمية الأولى- فكافأنا باستعمار بلادنا، حاربناه حتى رحل من الباب، ليعود من الشباك، فمن يحارب الاستعمار الثقافي، وقد صار له وكلاء، حتى في مدافن الموتى، وبين الشحاذين، وكبار اللصوص، وزعماء السلب والنهب؟

      د. حنفي يكرر - دون ملل - أننا "حاربنا الاستعمار حتى ذهب، لكنه عاد من خلال الاستعمار الثقافي، وهكذا انتشر (التغريب) وجرى احتلال العقول والقلوب، وهو مما نعانيه اليوم وبين الطبقة العليا..." [2] . [ ص: 133 ]

      التالي السابق


      الخدمات العلمية