الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (69) قوله تعالى : قالوا سلاما : في نصبه وجهان ، أحدهما : أنه مفعول به ، ثم هو محتمل لأمرين ، أحدهما : أن يراد قالوا هذا اللفظ بعينه ، وجاز ذلك لأنه يتضمن معنى الكلام . والثاني : أنه أراد قالوا معنى هذا اللفظ ، وقد تقدم ذلك في نحو قوله تعالى : وقولوا حطة . وثاني الوجهين : أن يكون منصوبا على المصدر بفعل محذوف ، وذلك الفعل في محل نصب بالقول ، تقديره : قالوا : سلمنا سلاما ، وهو من باب ما ناب فيه المصدر عن العامل فيه ، وهو واجب الإضمار .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 352 ] قوله : قال سلام في رفعه وجهان ، أحدهما : أنه مبتدأ وخبره محذوف ، أي : سلام عليكم . والثاني : أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي : أمري أو قولي سلام . وقد تقدم أول هذا الموضع أن الرفع أدل على الثبوت من النصب ، والجملة بأسرها - وإن كان أحد جزأيها محذوفا - في محل نصب بالقول كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      2676 - إذا ذقت فاها قلت طعم مدامة ... ... ... ...

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الأخوان : " قال سلم " هنا وفي سورة الذاريات بكسر السين وسكون اللام . ويلزم بالضرورة سقوط الألف فقيل : هما لغتان كحرم وحرام وحل وحلال ، وأنشد :


                                                                                                                                                                                                                                      2677 - مررنا فقلنا إيه سلم فسلمت     كما اكتل بالبرق الغمام اللوائح

                                                                                                                                                                                                                                      يريد : سلام ، بدليل : فسلمت . وقيل : " السلم " بالكسر ضد الحرب ، وناسب ذلك لأنه نكرهم فقال : أنا مسالمكم غير محارب لكم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : فما لبث يجوز في " ما " هذه ثلاثة أوجه ، أظهرها : أنها نافية ، وفي فاعل " لبث " حينئذ وجهان ، أحدهما : أنه ضمير إبراهيم عليه السلام ، أي : فما لبث إبراهيم ، وإن جاء على إسقاط الخافض ، فقدروه بالباء وبـ " عن " وبـ " في " ، أي : فما تأخر في أن ، أو بأن ، أو عن أن . والثاني : أن [ ص: 353 ] الفاعل قوله : " أن جاء " ، والتقدير : فلما لبث ، أي : ما أبطأ ولا تأخر مجيئه بعجل سمين .

                                                                                                                                                                                                                                      وثاني الأوجه : أنها مصدرية ، وثالثها : أنها بمعنى الذي . وهي في الوجهين الأخيرين مبتدأ ، وإن جاء خبره على حذف مضاف تقديره : فلبثه - أو الذي لبثه - قدر مجيئه .

                                                                                                                                                                                                                                      والحنيذ : المشوي بالرصف في أخدود . حنذت الشاة أحنذها حنذا فهي حنيذ ، أي محنوذة . وقيل : حنيذ بمعنى يقطر دسمه من قولهم : حنذت الفرس ، أي : سقته شوطا أو شوطين وتضع عليه الجل في الشمس ليعرق .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية