الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( اشترى جارية لها لبن فأرضعت صبيا له ثم وجد بها عيبا كان له أن يردها ) ; ; لأنه استخدام ، [ ص: 44 ] بخلاف الشاة المصراة فلا يردها مع لبنها أو صاع تمر بل يرجع بالنقصان على المختار شروح مجمع وحررناه فيما علقناه على المنار ( كما لو استخدمها ) في غير ذلك ، ففي المبسوط الاستخدام بعد العلم بالعيب ليس برضا استحسانا ; لأن الناس يتوسعون فيه فهو للاختبار . وفي البزازية : الصحيح أنه رضا في المرة الثانية إلا إذا كان في نوع آخر وفي الصغرى أنه مرة ليس برضا إلا على كره من العبد بحر ( قال المشتري ليس به ) بالمبيع ( أصبع زائدة أو نحوها مما لا يحدث ) مثله في تلك المدة ( ثم وجد به ذلك كان له الرد ) بلا يمين لما مر .

التالي السابق


( قوله اشترى جارية إلخ ) قال في شرح الوهبانية وفي البزازية : اشترى مرضعا ثم اطلع بها على عيب ثم أمرهم بالإرضاع له الرد ; لأنه استخدام ولو حلب اللبن فأكله أو باعه لا يرد ; لأن اللبن جزء منهما فاستيفاؤه دليل الرضا . وفي الفتوى : الحلب بلا أكل أو بيع لا يكون رضا ، وحلب لبن الشاه رضا شرب أم لا ( قوله ; لأنه استخدام ) والاستخدام لا يكون رضا خانية [ ص: 44 ] أي في المرة الأولى ويكون رضا في الثانية كما يأتي قريبا ومقتضاه أنه لو أمرها به ثانيا كان رضا لا لو أرضعته مرات بالأمر الأول تأمل .

مطلب في مسألة المصراة ( قوله بخلاف الشاة المصراة ) روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { لا تصروا الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها ، فإن رضيها أمسكها ، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر } متفق عليه شرح التحرير و تصروا بضم التاء وفتح الصاد من التصرية وهي ربط ضرع الناقة أو الشاة وترك حلبها اليومين أو الثلاثة حتى يجتمع اللبن قال الشارح في شرحه على المنار وهو مخالف للقياس الثابت بالكتاب والسنة والإجماع من أن ضمان العدوان بالمثل أو القيمة والتمر ليس منهما فكان مخالفا للقياس ومخالفته مخالفة للكتاب والسنة وإجماع المتقدمين فلم يعمل به لما مر ، فيرد قيمة اللبن عند أبي يوسف وقال أبو حنيفة ويرجع على البائع بأرشها . ا هـ

وفي شرح التحرير : وقد اختلف العلماء في حكمها فذهب إلى القول بظاهر الحديث الأئمة الثلاثة أبو يوسف على ما في شرح الطحاوي للإسبيجابي نقلا عن أصحاب الأمالي عنه والمذكور عنه للخطابي وابن قدامة أنه يردها مع قيمة اللبن ولم يأخذ أبو حنيفة ومحمد به ; لأنه خبر مخالف للأصول . ا هـ

والحاصل كما في الحقائق أنه إذا اشتراها فحلبها فوجدها قليلة اللبن ليس له أن يردها عندنا : وعند الشافعي وغيره له أن يردها مع اللبن لو قائما ومع صاع تمر لو هالكا ، وهل يرجع بالنقصان عندنا : فعلى رواية الأسرار لا وعلى رواية الطحاوي نعم . قال في شرح المجموع : وهو المختار ; لأن البائع بفعل التصرية غر المشتري فصار كما إذا غره بقوله إنها لبون ( قوله في غير ذلك ) أي في غير الإرضاع ( قوله فهو للاختبار ) بالباء الموحدة : أي لأجل أن يختبره ويمتحنه ليعلم أنه مع العيب يصلح له أم لا ( قوله إلا على كره من العبد ) مخالف لإطلاق ما مر أنه الاستحسان مع أن وجهه خفي تأمل ( قوله لما مر ) أي قريبا في قوله للتيقن بكذبه




الخدمات العلمية